زيادة عالمية "مثيرة للقلق" في نسبة الولادة القيصرية
الثلاثاء 16 اكتوبر 2018 الساعة 20:14
الميناء نيوز- وكالات
زاد معدل الولادة القيصرية في أنحاء العالم بمقدار الضعف تقريبا في 15 سنة، ليصل إلى مستويات "مثيرة للقلق" في بعض الدول، بحسب دراسة حديثة. وارتفع عدد عمليات الولادة القيصرية من 16 مليون حالة (12 في المئة من حالات الولادة) في عام 2000 إلى 29.7 مليون (21 في المئة) في عام 2015، بحسب التقرير المنشور في دورية "لانسيت" الطبية. وتحتل جمهورية الدومينيكان المركز الأول من حيث عدد الولادات القيصرية، إذ تبلغ نسبة استخدام الجراحة في عمليات الولادة 58.1 في المئة من إجمالي حالات الولادة. ADVERTISEMENT ويقول أطباء إن اللجوء إلى التدخل الجراحي يكون غير مبرر في كثير من الأحيان. وحتى فترة قريبة، كانت إحصائيات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن ارتفاع نسبة الجراحة القيصرية بين حالات الولادة عن 15 في المئة يُعد استخداما مفرطا للجراحة. وحللت الدراسة الحديثة بيانات من 169 دولة، مستخدمة إحصائيات حديثة أُعدت في عام 2015، وهي أحدث مجموعة من البيانات المتاحة حتى الآن. ماذا قالت الدراسة؟ قالت الدراسة إن هناك اعتمادا أكثر من اللازم على الجراحة القيصرية، التي من المفترض اللجوء إليها حال تعثر الولادة الطبيعية، في أكثر من نصف دول العالم. ورصد الباحثون أن معدل استخدام هذا النوع من الجراحة يتجاوز 50 في المئة في جمهورية الدومينيكان، والبرازيل، ومصر، وتركيا. وأُدرجت البرازيل في هذه القائمة رغم اعتمادها سياسة جديدة في عام 2015 لتقليل الاعتماد على الولادة القيصرية. وهناك تفاوت كبير بين الدول الغنية والفقيرة في معدل استخدام هذا الأسلوب في الولادة. ففي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، على سبيل المثال، لا تتوافر إمكانية إجراء الجراحة القيصرية عند وجود حاجة فعلية إليها. مصدر الصورةGETTY IMAGES وارتفعت نسبة الولادة القيصرية في عام 2015 في دول أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي بواقع عشرة أمثال الأرقام المسجلة في إحصائية سابقة، حيث ارتفعت بنسبة 44 في المئة مقارنة بمنطقة وسط أفريقيا التي شهدت استخدام هذا الأسلوب الجراحي بنسبة 4 في المئة. وحثت الدراسة مسؤولي الرعاية الصحية والنساء وأسرهم على اختيار الولادة القيصرية عندما تكون هناك حاجة إليها فقط ولأسباب طبية. كما طالبت بمزيد من التعليم والتدريب من أجل التعامل مع المخاوف المتعلقة بعملية الولادة بصفة عامة. ما هي مخاطر الولادة القيصرية؟ الولادة القيصرية يمكن أن تنقذ حياة الأم والمولود على السواء إذا كان الجنين، على سبيل المثال، في وضع غريب داخل الرحم، أو إذا حدث تعثر في المخاض. وقالت جين سوندول، أستاذة العلوم الاجتماعية وصحة المرأة في جامعة كينغز كوليدج لندن وأحد المشاركين في إعداد هذه الدراسة، لبي بي سي إن المخاطر التي تواجه الأم والجنين من الولادة القيصرية تنقسم إلى نوعين؛ مخاطر قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل. وأضافت أن "عملية التعافي من آثار الولادة القيصرية تتسم بالتعقيد بالنسبة للأم، وتؤدي إلى تشوهات في الرحم، وهو ما يرتبط بالنزيف، والنمو غير الطبيعي للمشيمة، والحمل خارج الرحم، وموت الجنين، والولادة المبكرة، وذلك في مرات الحمل التالية للولادة القيصرية". وشددت على أهمية ضرورة الانتباه لهذه المخاطر التي، رغم ضآلتها، قد تشكل خطرا كبيرا على الأم والجنين في مرات الحمل التالية. وأشارت إلى أن تعرض الأم والجنين لهذه المخاطر يزداد كلما تكرر خضوع الأم لولادة قيصرية جديدة. وقالت إن هناك "أدلة ظهرت في الفترة الأخيرة على أن هناك مخاطر صحية تتعلق بالهرمونات، والحالة البدنية، والبكتيريا، والإجراءات الطبية المتبعة التي قد تنتج عن الولادة القيصرية، والتي قد تقلب الحالة الصحية للأم والجنين رأسا على عقب". وأكدت أنه رغم عدم نيل المخاطر طويلة الأجل لهذا الإجراء الطبي الاهتمام البحثي الكافي، فإن مخاطر المدى القصير تتضمن تغيرات في تطور الجهاز المناعي قد تؤدي إلى الإصابة بأنماط من الحساسية والربو وتغيير أنواع البكتيريا الموجودة في المعدة. ورجحت أن هناك إمكانية لتعرض الأم والجنين للمخاطر التي تنطوي عليها الجراحات بصفة عامة، مضيفة أن الولادة القيصرية تؤدي إلى معدلات أعلى من وفيات الأجنة مقارنة بالولادة الطبيعية. ونشرت منظمة الصحة العالمية في الأسبوع الماضي تقريرا إرشاديا عن الحاجة إلى تقليل الاعتماد على هذا الإجراء الطبي غير الضروري، في إشارة إلى الولادة القيصرية، التي وصفها التقرير بأنها "لا يمكن تبريرها طبيا". وقال التقرير إن "من المهم أن يكون إجراء الولادة القيصرية ممكنا عندما تحتاج إليه النساء لأن ذلك قد ينقذ حياتهن"، وذلك مع التأكيد على ضرورة تجنب اللجوء إلى الولادة القيصرية حتى لا "نجعل الأمهات والمواليد عرضة للخطر". لماذا تُعد هذه الجراحة غير ضرورية؟ مصدر الصورةGETTY IMAGES تقول جين سوندول إن هناك أسباب اللجوء إلى الولادة القيصرية تتباين من دولة إلى أخرى، لكن الدول الأكثر فقرا تشهد محدودية شديدة في الخيارات المتاحة للولادة. وأضافت "تتنوع دوافع اللجوء إلى الولادة القيصرية من بلد إلى آخر، والتي تتضمن عجزا في عدد الممرضات اللاتي يقع على عاتقهن منع وقوع المشكلات الصحية واكتشافها إن وجدت، وغياب المهارات الطبية والثقة اللازمة لإجراء عمليات الولادة الطبيعية، بالإضافة إلى بعض الدوافع ذات الصلة بمشكلات قانونية". وأشارت إلى أن هناك حوافز مالية تُصرف للأطباء والمستشفيات لحدوث الولادات في تواريخ محددة، خاصة في مراكز صحية خاصة. وتابعت "في بعض الأحيان يكون اللجوء لهذا الأسلوب بدافع ذي صلة بنظام الرعاية الصحية. ففي البرازيل، على سبيل المثال، يفتقر نظام الرعاية الصحية الحكومي إلى الجودة. لذا يُعرض هذا الإجراء على النساء غير القادرات، اللاتي لا يستطعن تحمل نفقة تلقي الخدمة في المستشفيات الخاصة، في المستشفيات الحكومية حتى تتم عملية الولادة بسرعة لإفساح المجال أمام أكبر عدد من الحالات التي تتلقى الخدمات من نظام الرعاية الصحية". وأشارت إلى أنه في الصين يكون الدافع وراء الولادة القيصرية هو العجز الصارخ في أعداد الممرضات، ما قد يؤدي إلى غياب المتابعة، وهو ما يشير إلى أنه لن يكون هناك قصور في إجراء الفحوص الطبية الضرورية فقط، بل سيكون هناك غياب كامل لعناصر الخبرة التي ينبغي أن تتوافر لمساعدة الأطباء أثناء عملية الولادة. كما يتسع نطاق التفاوت بين المناطق الحضرية الأكثر ثراء والمناطق الفقيرة في البلد الواحد، إذ ترتفع في المناطق الحضرية نسبة الولادة القيصرية لتوافر الإمكانيات اللازمة لإجرائها في المراكز الطبية التابعة للقطاع الخاص، بينما لا تتوافر إمكانية إجراء هذه الجراحة في المناطق الريفية.
متعلقات