ست سمات شخصية "تؤهل أصحابها للنجاح"
السبت 12 مايو 2018 الساعة 13:45
الميناء نيوز- وكالات
هل أنت شغوف بالعلم، وتتحرى الأمانة في أدق التفاصيل، وتدفعك الرغبة في المنافسة لتحقيق الأفضل؟ وهل لديك القدرة على التكيف، ولا تقف طويلا أمام ما لا يمكن فهمه، بل إنك على استعداد للمغامرة في سبيل تحقيق الهدف؟ إن كنت تتمتع بهذه الصفات، فهنيئا لك، فقد أثبتت دراسة جديدة أجراها خبراء نفسيون أن تلك السمات الستة هي سمات أساسية للشخصية صاحبة الإنجاز التي تؤهل صاحبها للنجاح مستقبلا. لكن الإفراط في تلك الخصال قد يأتي بأثر عكسي. والسر وراء النجاح يكمن في معرفة الإنسان بقدراته قياسا على تلك الصفات، والاستفادة من قوته، وتلافي مواطن ضعفه، عندها يمكن أن يخطو واثقا لفهم الكيفية التي تؤثر فيها الشخصية على نجاحه في حياته العملية. في الماضي، جرت محاولات عدة لمعرفة الشخصية بالنظر إلى محيط العمل، لكن لم يحالفها التوفيق الكامل. فمن بين الاختبارات الأكثر شيوعا اليوم ما يعرف بمقياس "مايرز-بريغز" للشخصية، الذي يصنف الأشخاص على أساس أنماط عدة للتفكير، ما بين الانطوائي والانبساطي والعقلاني والوجداني. وفي الولايات المتحدة، تستخدم تسع من كل عشر شركات تقريبا اختبار مايرز-بريغز لقياس شخصية موظفيها. اقرأ أيضا: كيف تجعل نفسك أكثر جاذبية وتأثيرا؟ ومع ذلك، بات خبراء نفسيون كثر يعتقدون أن النظرية التي يقوم عليها هذا الاختبار لم تعد صالحة، ولا تتماشى بالضرورة مع القياسات الفعلية للنجاح، فيما اعتبرت إحدى الدراسات أن مقياس مايرز-بريغز معيب في استقراء قدرات النجاح الإدارية تحديدا، بل ذهب البعض لاعتبار ذاك المقياس بعيدا كل البعد عن العلم. ويقول إيان ماكراي، الخبير النفسي والمشارك في تأليف كتاب "الشخصية المنجزة"، إن مقياس مايرز-بريغز جيد بشكل مبدئي، لكنه غير صالح على مستوى أوسع في رصد النجاح والتعرف على الشخصيات عالية الأداء. وقد استند ماكراي، والباحث أدريان فيرنهام بجامعة يونيفرستي كوليدج لندن، إلى نتائج حديثة في مجال البحوث النفسية لتحديد ست سمات ترتبط ارتباطا وثيقا بالنجاح على صعيد العمل، وقد ضمَّناها اختبارا جديدا يحمل اسم "مقياس سمات محددات الإنجاز". شغف المعرفة يُساعد على التعلم، ويزيد الشعور بالرضا في العمل، ويقي من استنفاد الطاقة ويشير ماكراي إلى أنه لتحقيق النجاح يتعين أن تتوافر السمات بدرجة معينة دون زيادة أو نقصان، كما يشير إلى أن توافر بعضها أهم لبعض الوظائف مقارنة بأخرى، فالعمل في المجالات التقنية مثلا يتطلب توافر بعضها بدرجة أعلى. وقد طالعت نموذجا لهذا الاختبار يتعلق بالأدوار القيادية في العمل. وإليكم هذه الصفات الستة: دقة التفاصيل يتسم من يتحلون بتلك الصفة بالالتزام بالخطط والعمل على تطبيقها تطبيقا حرفيا، فهم غير مندفعين، ويقيِّمون بدقة القرارات لمعرفة الصائب منها على المدى البعيد. وناهيك عن مستوى الذكاء المرتفع، فعادة ما تعتبر صفة الدقة من أفضل المحددات للنجاح الأكاديمي. أما في سوق العمل، فتعد الدقة والتقيد بالتفاصيل أمرا أساسيا للتخطيط الاستراتيجي الجيد. لكن الإفراط في تلك الصفة يجعل صاحبها متصلبا، ومفتقرا إلى المرونة. القدرة على التكيف جميعنا عرضة للقلق، غير أن الشخصيات ذات القدرة الأفضل على التكيف يمكنها التعامل أفضل مع القلق، والتصرف بسهولة تحت الضغوط دون أن يؤثر ذلك على قدرتها على اتخاذ القرار. وقد يجعل الافتقار للتكيف المرء أسوأ أداء في العمل، ويفضل تفادي ذلك بالتفكير بشكل أفضل. فقد أظهرت دراسات عدة أن النظر للصعاب كفرص للتقدم بدلا من النظر إليها كمعضلات يساعد المرء في تجاوز السلبيات بشكل أسرع، وفي تحقيق نتائج أفضل. تقبل الأمور المبهمة هل تفضل أن تكون المهام المطلوبة محددة بشكل واضح ومعروفة، أم تستمتع بالتعامل مع الأمور المبهمة؟ القدرة على الاستماع لآراء شتى، والتعامل مع وجهات نظر معقدة ومتنوعة، تدل على سمة من سمات الشخصية الناجحة توصلت بعض الدراسات إلى أن القادرين على التعامل بشكل أفضل مع نقص المعطيات يكونون أكثر قدرة على استيعاب وجهات نظر أكثر قبل اتخاذ القرارات، ما يجعلهم أقل تصلبا، وأكثر قبولا للاختلاف في الرأي. ويقول ماكراي إن الافتقار إلى تلك القدرة على التعامل مع بعض التفاصيل المجهولة قد يميل بالشخص إلى الاستبداد، "إذ يسعى لاختزال الرسائل المعقدة في بؤرة أحادية بسيطة، ما قد يؤدي مباشرة إلى الفشل في إدارة الأمور". أما الشخص الأكثر تقبلا لعدم وضوح الصورة بالكامل، فيسهل عليه التجاوب مع التغيير، من قبيل تغير المناخ الاقتصادي، أو ظهور تقنية جديدة، ويسهل عليه كذلك تناول القضايا المعقدة ذات الأوجه المتعددة. ويضيف ماكراي أنه يتعين تحديد القادة بناء على "قدرتهم على الاستماع لآراء شتى والتعامل مع وجهات نظر معقدة واستيعابها بشكل نشط، بدلا من السعي لتبسيطها". ويشير إلى أنه كلما ارتقت درجة المرء الوظيفية على سلم الإدارة، تعين عليه التمتع بتلك الصفة من أجل اتخاذ قرارات صائبة. ومن الناحية الأخرى، لا يعيق الافتقار إلى تلك السمة بالضرورة الشخص مهنيا، فبعض الوظائف - كالمجالات التنظيمية - تتطلب توجها أكثر صرامة، والعمل على توحيد الاختلافات. وبالتالي فمعرفة المرء بنفسه بالنظر إلى تلك الصفة، يجعله يلتزم بالمكان الأنسب له وظيفيا. الشغف بالمعرفة لقد أهمل الخبراء النفسيون سمة الشغف بالعلم مقارنة بغيرها من السمات الذهنية، غير أن الأبحاث الأخيرة أشارت إلى أن التعلق بالجديد يثري بيئة العمل ثراء جما. إذ يدلل ذلك على أن صاحب هذه السمة يكون أكثر إبداعا ومرونة فيما يتعلق بالوسائل التي يتبناها لاستقاء المعرفة بيسر، وهو ما يُشعِره برضا أكثر بالإنجاز، ويحميه من خطر استنفاد الطاقة والتوقف عن العمل. وعلى الجانب الآخر، فالإفراط في الشغف بالعلم يجعل ذهن المرء غير مستقر، إذ يتنقل بين فكرة وأخرى وبين مشروع وآخر دون استكمال أي منها. الاستعداد للمجازفة تتفاوت الحاجة للسمات الستة باختلاف المهن. فبعض المجالات تتطلب المرونة في حين أخرى - كالمجالات التنظيمية - تتطلب توجها أكثر صرامة هل تؤْثر البعد عن المواجهة خشية التأذي، أم تواجه الأمر رغم صعوبته الحالية من أجل تحقيق النفع على المدى البعيد؟ لا شك أن القدرة على التعامل مع المواقف الصعبة أمر حيوي لنجاح الإدارة، فكثيرا ما يتطلب الأمر القيام بخطوة ما من أجل الصالح العام، رغم مجابهة الرفض أو المعارضة لتلك الخطوة. المنافسة سعيا وراء الأفضل هناك خيط رفيع بين السعي الحثيث وراء النجاح، والغيرة من منجزات الآخرين، فالرغبة في المنافسة في صورتها الحسنة تدفع بصاحبها بقوة نحو المقدمة، لكن المنافسة في صورتها السيئة تدمر الفريق بالكامل. وهكذا تشكل تلك السمات الست معا مفهوم النجاح في العمل، وتساعد على اختيار الأفضل للإدارة. لكن هناك صفات أخرى غير التي ذكرها ماكراي وفيرنهام، فمقياس الانبساط والانطواء يساعد أيضا على تحديد الشخص الأفضل للتعامل مع مواقف اجتماعية معينة، حتى لو لم يعزز ذلك الأداء الوظيفي. كذلك هناك حسن المعشر، لكن رغم أنه صفة مستحبة، قد لا تؤدي بالضرورة للتفوق في العمل. ولقياس كافة السمات الواردة سلفا كمحددات للإنجاز، يُطلب من المشاركين تحديد درجة اتفاقهم مع عبارات عدة من قبيل: "أضيق ذرعا بعدم معرفتي بالمطلوب مني تحديدا أثناء العمل" (على سبيل قياس مدى "تقبل الأمور المبهمة")، و"أتوقع من نفسي أكثر مما تطلبه المؤسسة مني" (على سبيل قياس "الأمانة والدقة"). وعلى مدار سنوات، قاس ماكراي محدداته على قطاعات مختلفة من الإداريين، لرصد نجاح قادة الأعمال في مؤسسات ضخمة. ومع ذلك، لم تنته دائرة البحث بعد، فهناك دراسة نشرت العام الماضي أظهرت أن تلك السمات يمكنها قياس النجاحات الذاتية والموضوعية، فقد فسرت السبب في ربع حالات التفاوت في الدخول - وهي نسبة ليست هينة، وتضاهي تقريبا اتفاق مستوى الذكاء مع الرواتب - وإن لم تعط تفسيرا وافيا. يمكن الاسترشاد بخليط من السمات الستة ومقياس الذكاء في تشكيل فريق متوازن ومتنوع القدرات ووفق تلك الدراسة، وجد الباحثون أن سمتي المنافسة وتقبل الأمور المبهمة كانتا الأقرب لأصحاب الدخول الأعلى، بينما وجدوا أن من يتمتعون بالأمانة والتدقيق أكثر رضا عن أنفسهم من رضاهم بقيمة الدخل. كما فحص الباحثون العلاقة بين تلك السمات ومقياس الذكاء - الذي يعد أيضا مؤشرا مهما على النجاح في العمل - فوجدوا مساحة مشتركة بين الاثنين. ويمكن استخدام مقياس محددات الإنجاز لماكراي وفيرنهام في اختيار المرشحين للوظائف؛ ويقول ماكراي إن نتائجه قد تكون أيضا دافعا على تطوير العامل لقدراته من خلال معرفة مواطن قوته وضعفه، وتطويعها بأفضل صورة. كذلك يمكن الاسترشاد بذلك المقياس في تشكيل فريق متوازن ومتنوع القدرات، خاصة وأن أبحاثا كثيرة تبرز مدى النفع الذي يعود على المجموعات التي تتنوع أنماط التفكير لديها. ويندر أن يحقق أحد النتائج المثالية في كافة تلك السمات الست، دون أن يميل لجهة أو لأخرى، وهنا تكمل الفائدة في وجود زملاء يساعدون على إحداث التوازن. لكن هناك من تنطبق عليه كافة تلك المعايير، إذ يقول ماكراي إنه صادف اثنين، كان منهما مدير أحد المصارف الكندية "الذي كاد يحرز الدرجة المثلى في كافة السمات". ورغم أن المرء يتهيب العمل مع شخص كهذا، إلا أنه لا يمكن إغفال الفائدة الجمة لوجود هؤلاء الأشخاص بيننا، "إذ يمكن معهم توقع النتائج توقعا دقيقا، والثقة بهم وبقدراتهم الجديرة بالاحترام".
متعلقات