بعد توهم الغالبية بأنه من صنعاء..
تعرّف على حقيقة الأصل الحضرمي لـ سيف بن ذي يزن
السبت 17 مارس 2018 الساعة 03:12
تعرّف على حقيقة الأصل الحضرمي لـ سيف بن ذي يزن * فايز محيي الدين البخاري اشتهر لدى غالبية الناس والمثقفين على السواء أن الملك الحميري الشهير سيف بن ذي يزن صنعاني باعتبار صنعاء كانت عاصمة دولته، وإليها أتت وفود العرب تهنئه لانتصاره على الأحباش وطردهم من اليمن بمعاونة فارسية. لكن الحقيقة أن سيف بن ذي يزن لم يكن صنعانيا وإن كانت صنعاء عاصمة ملكه. وكثير من الحكام عبر التاريخ لا يكون شرطا انتماؤهم للمكان الذي يحكمون منه. ولأن كل اليمن الكبير الذي يشمل النصف الجنوبي للجزيرة العربية قد حُكِم عبر حقب التاريخ بواسطة ممالك قامت في مناطق متفرقة منه فقد كان سيف بن ذي يزن واحداً من هؤلاء الحكام الذين حكموا اليمن الكبير من خلال العاصمة صنعاء التي لا ينتمي إليها قبلياً، فهو من قبيلة اليزنيين الذين انتسبوا بالتسمية للقصر يزن الواقع في وادي عبدان محافظة شبوة حاليا. وكان اليزنيون في بادئ الأمر لا يحكمون سوى مملكة حضرموت التي نشأت شرق اليمن وعاصمتها شبوة. ولأن ووادي عبدان مقر اليزنيين هو جزء من شبوة التي هي عاصمة مملكة حضرموت، فمن البديهي أن ننسب سيف بن ذي يزن بحسب ذلك إلى حضرموت ونقول عنه حضرمي. ومادمنا قد ولجنا لنقطة مهمة في تاريخ هذه الشخصية اليمنية الأسطورة، فلابد أن نوضح نقطة أخرى تفوقها أهمية، وهي أن سيف بن ذي يزن لم ينتصر على الأحباش بقوة الفرس وإنما بمقاتلين يمنيين كان لهم الدور الأكبر في إجلاء الأحباش، ولم يتجاوز عدد الفُرس الذين شاركوا في حرب إجلاء الأحباش ثلاثمائة مقاتل كما تجمع غالبية المراجع. وبالتالي فقد كان النصرُ على الأحباش يمنيا. ووفقاً لذلك أتت الوفود العربية، ومنها وفد قريش بزعامة عبدالمطلب بن هاشم، لتهنئة سيف بن ذي يزن بالنصر العظيم. ومن غير المنطقي أن تأتي الوفود لتهنئ شخصا انتصر بقوة وسواعد غيره!! لذلك فقد كانت الاستعانة بأولئك الأفراد من الفُرس ليس عن ضعف وعدم استطاعة اليمنيين تحقيق النصر، وإنما بمثابة دافع معنوي كبير للمقاتلين اليمنيين وهزيمة نفسية للأحباش بأن امبراطورية فارس تقف إلى جانب اليمنيين كما تقف امبراطورية الروم إلى جانب الأحباش. وهي الطريقة نفسها التي ظلت عبر التاريخ حتى اليوم إزاء الصراعات الإقليمية التي ينزع كل طرف من طرفي الصراع فيها إلى الاستعانة ولو رمزياً بقوة عُظمى تكون حافزا وسنداً ضد خصمه، كما هو حاصل اليوم مع الفرقاء الذين يستعينون بأمريكا أو روسيا، وكما استعان المناذرة بالفرس والغساسنة بالروم. وعلى ذلك يجب أن يفخر اليمنيون بأن النصر على الأحباش كان يمنيا، وأن سيف بن ذي يزن الشبواني الحضرمي هو دليل قوي على أن اليمن كان موحدا قبليا عبر حقب التاريخ وإن تشظى مناطقيا حسب المصالح وضعف وقوة الدولة المركزية. أخيراً بقي أن أشير إلى الخطأ الفادح الذي عم لدى الكثيرين من أن الفُرس قتلوا سيف بن ذي يزن. والحقيقة أنه مات طبيعيا، وتولى الحكم بعده ابنه معدي كرب بن سيف بن ذي يزن، وهو الذي اغتاله مرافقوه من الفُرس الخونة الذين اتخذ منهم حراسة شخصية لإثبات أن إمبراطورية فارس تدعمه وتقف إلى جانبه. وبمقتل معدي كرب بن سيف انتقل الحكم لأخيه زرعة بن سيف بن ذي يزن، وحينها بدأ أقيال المناطق اليمنية الأقوياء يستقلون بمناطقهم عن الدولة المركزية، مما اضطر الحاكم زرعة بن سيف للعودة لمنطقته في وادي عبدان. وظلت صنعاء فقط وبعض المناطق المجاورة لها كبني حشيش تحت إمرة الفرس بقيادة باذان. وحينها كان الإسلام قد قوي وبدأت رسائل النبي (ص) تصل لملوك اليمن، وكان أبرزهم الحارث بن عبد كلال كبير ملوك وأقيال اليمن، ومقره في حصن حب ببعدان، وذو الكلاع الحميري ومقره مصنعة وحاضة في حبيش. وكان للإسلام فضل جمع كلمة اليمنيين مجددا. faiz444888@gmail.com
متعلقات