نظم مكتب شؤون الحصار في تعز، اليوم الجمعة، إحاطة صحفية حول ملف الحصار وتأثيراته على السكان للعام العاشر على التوالي، والوقوف على المستجدات الأخيرة المتعلقة بهذا الملف.
وقال محافظ تعز نبيل شمسان خلال مداخلة عبر الزوم "نريد فتح طرقات مستدامة مرتبة ومنظمة تشرف عليها الأمم المتحدة"، مشيرا الى أن "فتح الطرقات في تعز تأتي في سياق الهدنة المكونة من وقف إطلاق النار فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وطرق تعز".
وأضاف أنه "تم فتح الطريق بفضل نضالات تعز وجيشها ومقاومتها، لافتا إلى أنه تحدث مع المبعوث الأممي وطرح عليه مسألة ضخ المياه والوصول الى مقلب النفايات.
وقال بيان صادر عن شباب تعز، إن "تعز اليوم وهي تحقق نصرًا جزئيًا على المليشيا الحوثية التي استسلمت أمام صمود هذه المدينة وابنائها الأبطال، المدينة التي بذلت الأرواح والدماء لكي تبقى الجمهورية وتصمد الدولة تقف اليوم مجددًا لتؤكد أن جرائم الحرب لن تسقط بالتقادم، وأن مليشيا الحوثي ستنال عقابها طال الزمن أو قصر".
وأضاف أنه "قبل تسعة أعوام وقع أول اتفاق لإنهاء حصار تعز، تحديدًا في الرابع عشر من ابريل 2016م، غير أن أكثر 71 ألف ساعة مرت ولم يفتح الحوثيون طريقًا واحدًا للمدنيين، رغم تعدد جولات التفاوض، وها هي المليشيا الحوثية، تقبل اليوم على مضض بفتح طريق واحدة لن تنهي الحصار، لكننا نؤمن أن التسهيل وتخفيف معاناة أبناء تعز أهم الآن وأعلنت السلطات جاهزيتها لتأمين مرور المواطنين من الطريق التي لم يغلقها إلا الحوثي وحده".
وأشار إلى أن "المادة 13/ 1 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن "لكل فرد حق في حرِّية التنقل، وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة"، وهو حق سلبته المليشيا الحوثية من 4 ملايين مدني طوال قرابة 10 سنوات، كما أن المادة 14 من البروتوكول الثاني الاضافي لاتفاقيات جنيف تحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال، وهو ما يضيف تأكيدًا جديدًا على أن الجرائم الحوثية بحق تعز لن تسقط بالتقادم".
وأكد البيان أن "إنهاء الحصار لا يكون إلا بإنهاء كل آثاره ونزع كافة الألغام وضخ المياه والسماح بإخراج القمامة والقبول بالتعامل بالعملة القانونية في مناطق سيطرتها، وصولًا إلى انسحاب المليشيا الحوثية إلى خارج الحدود الجغرافية للمحافظة".
ولفت إلى أن المرحلة تتطلب من الجميع إدراك حجم التحدي، والاستمرار في النضال لتعرية التضليل الحوثي والجاهزية كل يوم لصناعة الخلاص المنتظر.
وخلال الإحاطة التي حضرها عشرات الصحفيين والناشطين وممثلين عن الجهات الرسمية في السلطة المحلية والجيش والأمن، تم استعرض العديد من المواضيع وأوراق العمل التي تُبرز ملف حصار تعز وما نتج عنه خلال السنوات الماضية.
واستعرض مدير مكتب شؤون الحصار في تعز، ماهر العبسي، تأثيرات الحصار على سكان مدينة تعز من الجوانب الإنسانية والاقتصادية والصحية، موضحًا أن الحصار تسبب في منع دخول الادوية والمسـتلزمات الطبية وإغلاق عدد كبير من المراكز الصحية ما جعل كثر من فئات المجتمع تفقد الحق في الرعاية الصحية.
وقال إن "حصار تعز تسبب بأزمة مياه تصل الى 75% من احتياج السكان وتدمير 50% من شبكة الطرق وارتفاع تكلفة السفر طول المسافة 1000% ونقل البضائع وارتفاع الاسعار 35% عن المناطق المحررة بالإضافة إلى حرمان المدينة من مشروع محطة أوكسجين بقدرة 300 أسطوانة في اليوم ومشروع بناء مركزين للأطراف الصناعية".
وأفاد أن الطرق الوعرة والبديلة التي اتخذها السكان للتنقل مع استمرار الحصار تسببت بنحو 481 حادث مروري نتج عنها 374 حالة وفاة وإصابة 966 حالة وخسائر قدرت ب 475 مليون دولار.
وأشار إلى أن الحصار تسبب بتضرر 180 مدرسة وإغلاق 31 مدرسة وتضرر 32 ألف طالب وطالبة، بينما بلغ عدد الطلاب المتضررين من عدم القدرة للوصول للجامعات 8000 طالب وطالبة.
أوضح أن الحصار تسبب أيضًا بتوقف الشركات والمؤسسات التجارية وانعدام المشتقات النفطية في حين بلغت الخسائر المالية في الإيرادات 228 مليون دولار في العام الواحد وتضرر 9000 عامل. لافتًا إلى عدد ضحايا الألغام 1700 قتيل وجريح، كما تضرر 258 منزلاً و40 منشأة تجارية وتم اختطاف 718 من المدنيين.
بدوره، تطرق الصحفي أشرف المنش في ورقة عمل عن الاتفاقات والهدن التي نكثتها مليشيات الحوثي مع الحكومة اليمنية والقبائل والأمم المتحدة.
وقال إن إجمالي تلك الاتفاقات تجاوزت 108 اتفاق وهدنة جرت خلال ثلاثة مراحل، ابتدأت أولها خلال الحروب الست خلال 2004 وحتى 2010 مرورًا بفترة تمددهم من صعدة إلى صنعاء وانقلابهم على الشرعية.
وذكر أن المرحلة الثالثة من تلك الاتفاقات كانت خلال الفترة 2015-2024، موضحًا طريقة تعامل مليشيات الحوثي مع اتفاق الحديدة والملفات الإنسانية (ملف الطرقات، فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء، اتفاق الأسرى، دفع المرتبات).
في السياق، تحدث الباحث أحمد شوقي عن النوايا الحقيقية للحوثيين وراء إعلانهم فتح طريق الكمب جولة القصر، موضحًا أن "هذا الطريق الذي اختار الحوثي فتحها هي أخطر الطرق من الناحية العسكرية والأمنية، ولن تنهي الحصار".
وشدد على ضرورة فتح الطرقات الثلاثة الرئيسية الأخرى شرق وشمال المدينة، وهي "طريق حوض الأشرف – فرزة صنعاء، طريق كلابة – فرزة صنعاء، طريق عصيفرة – الحوجلة".
ولفت إلى أن قرار الحوثي فتح طريق الحوبان يراد بها تحقيق أهداف عسكرية وأمنية واقتصادية وإعلامية، موضحا أن "المليشيات تريد من خطوة فتح الطريق إنشاء سوق سوداء للتحويلات المالية وسحب العملة الصعبة من مناطق الشرعية.
كما أشار إلى أن من أهداف المليشيا تسهيل دخول عناصرها الاستخباراتية إلى مناطق الشرعية بهويات مزورة أو حقيقية بهدف رصد الأوضاع داخل المدينة، من الناحية الأمنية والعسكرية وتنفيذ الاغتيالات والتفجيرات الممنهجة، لإشعال الفوضى والصراعات السياسية والاجتماعية في تعز".
وأضاف أن "مليشيات الحوثي تسعى لتحقيق أهداف العسكرية من فتح الطريق، وهذا ما بدى واضحًا من خلال حشد قواتها وزيادة ميزانيتها العسكرية لقواتها المتمركزة في الطرف الآخر من الطريق وحفر العديد من الأنفاق على جوانب الطريق التي أعلن عن فتحها".
وأشار إلى أنه "في حال استمرار إجراءات البنك المركزي، ونجاحه في تجفيف المنابع المالية لتمويل المليشيات، فقد تلجأ المليشيات للخيار العسكري، وللتقدم في مناطق تابعة للشرعية وإسقاطها في قبضتها إما للحصول على عوائد اقتصادية، أو من أجل الدخول في مفاوضات للمقايضة".
في السياق، تطرق الصحفي والناشط عبدالسلام القيسي إلى الآثار المترتبة عن الحصار والحرب التي قادتها مليشيات الحوثي على سكان محافظة تعز والانتهاكات التي مارستها بحق المواطنين.
وقال إن "تعز كلها محاصرة وأن المديريات السبع الواقعة تحت نير الطغيان الحوثي هي أشد الأماكن في تعز معاناة وأن معركتنا الممتدة من الجبل الى الساحل هي لأجل رفع المعاناة الكاملة عن تعز المحتلة"، أن "فتح معبر إنساني لا يلغي معركة التحرير والكرامة".
كما تم خلال الإحاطة استعراض صور الأقمار الصناعية لعملية بناء مليشيات الحوثي نفق مسلح في مدخل طريق جولة القصر- الكمب شرق مدينة تعز.
أوضحت البيانات أن النفق بدأ فعليا تشييده في يناير الماضي ٢٠٢٤ من ورشة بالخلف من مستشفى ابن سيناء والدكتور علي علوي للعيون.
ووفقا للبيانات فقد مضت المليشيا بسرية في بناء النفق والتمويه عليه تدريجيا مستغلة كثافة الأشجار التي نمت في المنطقة ووفرت الغطاء المناسب حتى وصلت إلى قرابة 300 متر أسفل سور القصر الجمهوري ومازالت مستمرة.
وبحسب أدوات التدقيق والأقمار الصناعية أن "قياس المسافة بين النفق وأول تجمع سكني مقابل تبين أن نحو700 متر فقط هي ما يفصل الحوثيين على استكمال النفق ليتمكنوا لاحقا من التسلل إلى المدينة دون أن يشعر بهم أحد إذ ان المنازل المجاورة هي منازل نزح سكانها بسبب الحرب والقنص الحوثي المستمر".