كشفت مصادر إعلامية تفاصيل التقرير السنوي لفريق الخبراء التابع للجنة العقوبات (2140) في مجلس الامن، الذي جرى توزيعه على جميع أعضاء مجلس الأمن منذ نحو اسبوعين، وأحاطه الجميع بسرية خلافا للأعوام الماضية، حيث لم تنشر الأمم المتحدة نسخة من التقرير الذي اعتادت نشره ورفع السرية عنه بحلول نهاية يناير من كل عام.
ونقل موقع قناة بلقيس عن المصادر قولها بان لغة تقرير فريق الخبراء اتسمت بكونها شاجبة وبقوة للحوثيين وممارساتهم في اليمن كما حمَّل التقرير مليشيا الحوثي مسؤولية الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية المزرية لليمن.
ومن الناحية العسكرية، تناول تقرير الخبراء الفترة الأولى، التي يغطيها التقرير ما بين ديسمبر 2021 - مارس 2022، ووصفها بأنها فترة شهدت هجمات عسكرية حوثية متصاعدة داخل اليمن، وهجمات حوثية متصاعدة خارجه ضد دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وتطرق التقرير إلى هجمات الحوثيين، التي استهدفت الإمارات والسعودية، بالصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، بالإضافة إلى شن هجمات من الجو بطائرات "درون - تطير دون طيار"، محمَّلة بالمتفجرات، حيث شن الحوثيون في الـ17 يناير 2022 هجوما غير مسبوق ضد عاصمة دولة الإمارات أبوظبي، ونتج عن هذا الهجوم مقتل عدد من المدنيين.
وفيما يتعلق بالهدنة العسكرية، التي بدأت في الـ2 من إبريل 2022 بوساطة أممية، ذكر التقرير أن الشهور الست الأولى منها شهدت هدوءا نسبيا، واستؤنفت خلالها الواردات النفطية عبر ميناء الحديدة، بالإضافة إلى السماح بعدد محدود من الرحلات الجوية التجارية مقلعة من مطار صنعاء، حملت خلالها أكثر من 42,500 راكب مدني.
وبحسب التقرير، فقد أجرى الحوثيون -في سبتمبر 2022- استعراضات عسكرية كبيرة في الحديدة وصنعاء، استعرضوا خلالها أسلحة جديدة بحوزتهم، تشمل الصواريخ وطائرات دون طيار (درونز)، وألغاما بحرية وأسلحة أخرى، ومع ذلك لم تستمر الهدنة العسكرية طويلا.
والسبب في عدم استمرار الهدنة -وفقا لتقرير الخبراء- هو المطالب غير المعقولة من قِبل الحوثي، مثل مطالبهم بأن تدفع حكومة اليمن مرتبات جميع العسكريين العاملين في القوات الحوثية، إضافة إلى ذلك رفض الحوثي رفع الحصار عن مدينة تعز؛ لتكون النتيجة عدم تمديد الهدنة بعد الـ2 من أكتوبر 2022.
ولفت تقرير الخبراء إلى أنه ازدادت جرأة الحوثي بعد ذلك، وذلك في الظاهر بسبب إبداء المجتمع الدولي الاستعداد بقبول مطالبهم، وهو قبول كان دافعه تحقيق هدف رئيسي واحد، ألا وهو المحافظة على استمرارية الهدنة وتطبيقها، إلا أن زيادة جرأة الحوثيين أدت بهم إلى تغيير إستراتيجيتهم.
وفي المرحلة الثالثة من الهدنة، وإلى جانب استمرار الحوثيين في مطالبهم بأن تدفع الحكومة اليمنية مرتبات العاملين في جهازهم العسكري، حاولوا أيضا أن يضعوا حدا لوصول العائدات النفطية إلى الحكومة اليمنية، جراء صادرات النفط اليمني الخام، بحسب تقرير الخبراء.
وبحسب التقرير فقد تحولت استراتيجية الحوثي إلى مهاجمة القدرات الاقتصادية للحكومة الشرعية، وخلق عدم الاستقرار في الاوضاع الاقتصادية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية كما منع الحوثيون في مناطق سيطرتهم، استخدام وتداول العملة الورقية الصادرة عن البك المركزي لليمن في عدن.
وتبنى الحوثيون سياسات مثيرة للانقسام في القطاعين المصرفي والاقتصادي، حيث شنوا هجمات ضد ممتلكات شركات الاتصالات التي تتخذ من عدن مركزا لها، وهددوا وهاجموا موانئ ومحطات تكرير للنفط، وهاجموا سفن نقل النفط، بالإضافة لإقرارهم لقانون جديد يمنع فوائد المصارف المالية والتجارية.
وبين التقرير بأنه يوجد حاليا في اليمن نوعان من الأوراق النقدية، ونظامان لأسعار العملات، مع فرض الحوثيين للقيود على حركة السلع الاستهلاكية داخل اليمن، بالإضافة الى فرض الضرائب المزدوجة عليها، والتحصيل غير المشروع للضرائب والرسوم.
واكد التقرير بأن هذه العقبات الاقتصادية، بالإضافة الى شن الهجمات العسكرية، هما أمران يشكلان تهديدات خطيرة للسلام والأمن والاستقرار في اليمن.
وتحدث تقرير الخبراء عن التقارير التي تناولت وقوع اشتباكات بين القوات الموالية للحكومة اليمنية وبين الحوثيين في مأرب، والحديدة والبيضاء والجوف وصعدة وتعز، وقال إن قوات الحكومة اليمنية قامت بعمليات لمكافحة الإرهاب في أبيان وشبوة، ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية العام الماضي.
وفيما يتعلق بناقلة النفط "صافر" قال عنها تقرير الخبراء إنها مازالت تشكل تهديدات بيئية وانسانية محتملة لليمن والمنطقة ، وأن الأمم المتحدة اتخذت عدة إجراءات لتطبيق خطة لإنقاذ السفينة، إلا ان قضايا شائكة وعالقة تتعلق بملكية الناقلة صافر، وعائدات بيع النفط على متنها، تظل دون حل مناسب.
وبشأن سبل توصيل الأسلحة غير المشروعة إلى الحوثيين فتظل وبصورة كبيرة دون تغيير خلال الفترة التي يغطيها التقرير، إذ ما زلت معظم الأسلحة والذخيرة والمواد الأخرى المرتبطة بها تُهرب الى الحوثيين باستخدام السفن التقليدية "الداو" التي تبحر باستخدام الاشرعة وطاقة الرياح وتُهرب الأسلحة أيضا باستخدام السفن الصغيرة في بحر العرب،
ولفت فريق الخبراء إلى أنه يحقق حاليا في 7 قضايا جديدة تتعلق بعمليات التهريب البحري، بعضها يشمل المتاجرة بالأسمدة والمواد الكيميائية التي يمكن استخدامها في صناعة المتفجرات وكمصدر للوقود الصلب الذي يستخدم كقوة دافعة للصواريخ.
وذكر بأن المواد الكيميائية تْهرب عبر جيبوتي الى موانئ يمنية مطلة على البحر الأحمر تحت سيطرة الحوثيين، وهذا خلافا لسبل تهريب الأسلحة والذخيرة التي تنقل عادة الى شواطئ تتحكم فيها "اسميا" حكومة اليمن، وتقع في جنوب شرق اليمن.
كما أفاد فريق الخبراء بأنه يحقق فريق الخبراء أيضا في حاويات اطلاق للصواريخ الموجهة، المضادة للدبابات، والتي يتم تهريبها من خلال اخفائها في شاحنات نقل تجارية عبر الحدود البرية بين اليمن وعُمان.
وتمكن فريق الخبراء الان من تحديد هوية اشخاص ينتمون لشبكة على علاقة وثيقة بالحوثيين في اليمن وعُمان ويقومون بتجنيد أعضاء طواقم التهريب، ويقومون أيضا بتسهيل حركة تنقلاتهم عبر أراض تقع تحت سيطرة الحكومة اليمنية، وتوفير العربات وسفن النقل لهم.
هذا، ومن المقرر أن تعقد لجنة الخبراء اجتماعا آخر، يوم الاثنين 27 فبراير 2023، مع فريق الخبراء المعني باليمن لاعتماد التقرير النهائي.
وكانت لجنة العقوبات الأممية بشأن اليمن قد ألغت اجتماعها المخصص لمناقشة التقرير النهائي للفريق مع فريق الخبراء المعني باليمن؛ تمهيدا لتقديمه إلى مجلس الأمن الدولي، الذي كان مقررا مناقشته، الجمعة 27 يناير الماضي.