شكل العيد الوطني للجمهورية اليمنية الذي تحقق في الـ 22 من مايو عام 1990م ويحتفل اليمنيون بذكراه الـ 31، اليوم السبت، منجزا وطنيا فريدا في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، حظي بتأييد أبناء الشعب اليمني.
وبات الوطن جنوبه وشماله، وعقب مروره بمحطات وجولات محلية وإقليمية وعربية ودولية في سبيل تحقيق الحلم الشعبي المتمثل بوحدة الوطن والمصير المشترك والذي أصبح حقيقة على أرض الواقع في الـ 22 من مايو عام 1990م، أمام مرحلة فارقة في تاريخه ومحطة رئيسية للانطلاق صوب إحداث التحولات الجذرية وتحقيق التقدم المجتمعي والتنمية الشاملة والإنجازات الوطنية المختلفة والوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان.
ولا شك أن هناك العديد من الدلالات التي تؤكد عظمة هذا المنجز الوطني والحلم الشعبي في صنع العيد الوطني للجمهورية اليمنية 22 مايو، ولكن أبرزها على الإطلاق الأهداف والمبادئ السامية لواحدية الثورة اليمنية المباركة المتمثلة بثورة الـ 26 من سبتمبر عام 1962م الخالدة التي طوت إلى غير رجعة حقبة قاتمة السواد بكل ما تحمله الكلمة من معنى، سادها الظلام والعبودية والتخلف الذي كان يقوم عليه أساس حكم الإمامة الكهنوتي البغيض في شمال الوطن، وثورة الـ 14 من أكتوبر عام 1963م المجيدة التي فجّرها الثوار الأحرار من أعالي قمم جبال ردفان الشمّاء عام 1963م، ومهدت الطريق صوب تحقيق الاستقلال الوطني الناجز في الـ 30 من نوفمبر عام 1967م، من الاستعمار البريطاني الذي ظل جاثماً على صدر جنوب الوطن طيلة 129 عاما، ليواصل بعدها أحرار وشرفاء الوطن خطاهم بثبات في طريق الحرية، متجاوزون الصعاب والتحديات وصولا إلى تحقيق حلم الملايين من أبناء الشعب اليمني في شتى مناطق ومدن ومحافظات الوطن بإعلان قيام الجمهورية اليمنية في الـ 22 من مايو عام 1990م.
كما يستوجب التأكيد على أن واحدية الثورة اليمنية المباركة التي تشكل دافعا معنويا كبيرا لقوات الجيش الوطني مسنودة بالمقاومة الشعبية وشرفاء الوطن وقوات تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة في مواصلة تقديم التضحيات والملاحم البطولية وتحقيق الانتصارات الكبيرة بمختلف ساحات وميادين القتال على حساب ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة إيرانيا، وذلك ضمن مسار الجهود الوطنية السياسية والعسكرية لاستكمال تحرير أراضي الوطن واستعادة مؤسسات الدولة والقضاء على الانقلاب الحوثي وإنهاء الحرب وتحقيق الأمن والاستقرار والحياة الكريمة والسلام الشامل والدائم والمضي بخطوات ثابتة صوب المستقبل الأفضل، تعد تجسيدا حقيقيا وواقعيا على مدى الحرص الشعبي والوطني للحفاظ على المنجز التاريخي المتمثل بالعيد الوطني 22 مايو.
وصنعت هذه المحطات والمراحل الهامة والبارزة في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر بمجملها صخرة فولاذية تحطمت أمامها مشاريع الظلم والجهل والعبودية والتخلف بنسختيها حكم الإمامة الكهنوتي في شمال الوطن والاستعمار البريطاني البغيض في جنوب الوطن، ومنطلق لانتصار الإرادة الوطنية الحرة التي تجسد على أرض الواقع مدى استحالة تمكن أي قوة على وجه الأرض من إعادة عجلة الزمن إلى الوراء مهما كلف الأمر من ثمن، والمضي قدما في مسيرة بناء الدولة اليمنية الحديثة القائمة على أسس الحرية والديمقراطية والتعددية والعدالة والمساواة والتوزيع العادل للسلطة والثروة بين كافة أبناء الوطن اليمني الحبيب، والاسترشاد في سبيل تحقيق ذلك بوهج عظمة أهداف ومبادئ الثورة اليمنية وثوارها الأحرار وخلود ذكراهم ومسيرتهم العطرة وتضحياتهم بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية التي افتدوا بها تربة الوطن والتي ستظل خالدة في أذهان أجيال وراء أجيال ومستحيل محوها مدى الدهر.
كما يواصل اليمنيون في مختلف المراحل والمنعطفات التاريخية، تجسيد الحقيقة الدامغة التي لا يقبلون المساومة عليها المتمثلة بإثبات هويتهم الوطنية والعروبية الخالصة وغرسهم لقيم الحرية والتقدم، والتأكيد حد اليقين على استحالة القبول بفرض التجربة الإيرانية عليهم والتنازل قيد أنملة عن ذرة من تراب الوطن الغالي، وبالتالي فان الواقع يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن ميليشيا الحوثي "الإماميين الجدد"، التي دشنت مشروعها التدميري المتمثل بالانقلاب على الشرعية بقيادة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، من خلال اجتياحها العاصمة صنعاء في الـ 21 من شهر سبتمبر عام 2014م، ومن ثم إشعالها الحرب على اليمن واليمنيين في الـ 26 من شهر مارس عام 2015م، لابتلاع اليمن والتوسع في خاصرة الجزيرة والوطن العربي، غير آبهة بالآثار والعواقب السلبية التي ستظل جاثمة على صدر الوطن لعقود من الزمن، ليس أمامها من خيار غير الجنوح لدعوات السلام الإقليمية والعربية والدولية والأممية.
وأمام كل ذلك تواصل الشرعية الدستورية ممثلة بالرئيس المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، تقديم التنازلات تلو التنازلات ودعم كافة جهود الدول الشقيقة والصديقة والمجتمع الدولي، انطلاقا من الحرص على إنقاذ الوطن وإيقاف نزيف الدم والمأساة الإنسانية، آملة تراجع الخارجين عن الصف الوطني عن مغامراتهم الغير محسوبة العواقب ورهاناتهم الخاسرة التي تضاعف معاناة اليمن واليمنيين، من خلال استمرار حصد المزيد من الأرواح، وتسجيل أعداد هائلة تقدر بالملايين من الجرحى والمرضى بالأوبئة المختلفة والنازحين والمهددين بخطر المجاعة، وإصابة الخدمات العامة بالشلل التام، وتدمير القدر المتاح من مقومات ومقدرات الدولة، ووصول البلاد إلى مستويات متدنية وغير مسبوقة بمختلف النواحي والقطاعات التي تمس بشكل مباشر حياة الإنسان اليمني، أمام مرأى ومسمع العالم أجمع.