حروب بينية وصراعات أجنحة .. الخلافات تعصف بالمليشيا الحوثية من الداخل - (تقرير)
الثلاثاء 21 يوليو 2020 الساعة 20:15
الميناء نيوز- متابعات
خلافات حوثية حادة بين القادة والمشرفين حول النفوذ والمناصب والجبايات المالية أدت معظمها إلى مواجهات سقط على إثرها صرعى وجرحى بينهم قيادات عليا.
في غضون 35 يوما اندلعت أكثر من 19 حادثة اشتباك وصدام مسلح بين قيادات ومشرفين حوثيين في 7 مدن ترزح تحت سيطرة المليشيا الحوثية لم تكن تلك الصراعات سوى مؤشر بارز لتصاعد وتيرة الخلافات.
أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء وإب وذمار، ومناطق في البيضاء والضالع وتعز، شهدت موجة اشتباكات مسلحة تكاد تكون الأشد ضراوة عن سابقاتها، حيث أسفرت عن وقوع ما لا يقل عن 38 قتيلا و66 جريحاً من مسلحي المليشيا.
محافظة إب
اندلعت مواجهات -في محيط إدارة أمن المحافظة- بين عناصر حوثية من صعدة وأخرى من إب كانت قد فرت من جبهات القتال في البيضاء والضالع.
العناصر الفارة من الجبهات رفضوا تسليم أسلحتهم لمليشيا صعدة، الأمر الذي زاد من حدة التأزم وصولا إلى تبادل كثيف لإطلاق النار وسقوط جرحى من الطرفين.
بعدها بأيام اندلعت اشتباكات بالأيدي والسلاح الأبيض بين عناصر حوثية تتبع إدارة الأمن وأخرى تتبع إدارة المباحث الجنائي في المحافظة على خلفية تبادل اتهامات وجرائم نهب وسلب بين الطرفين.
في الثامن من الشهر الحالي في مدينة العدين التابعة لمحافظة إب اندلعت اشتباكات عنيفة بين عناصر المليشيا ومتحوثين من أبناء المنطقة.
حسب شهود عيان فإن الاشتباكات التي اندلعت بين عناصر حوثية تتبع القيادي في المليشيا المدعو شاكر الشبيبي المعين من قبل المليشيا مديرا للأمن، ومسلحين متحوثين من منطقة حليان التابعة للمديرية أتت عقب منع المدعو الشبيبي إطلاق الأعيرة النارية أثناء تشييع جنازة قتيل حوثي بمنطقة حليان القريب من المدينة، فيما رفض أهالي القتيل الالتزام بذلك، الأمر الذي أدى لتبادل إطلاق الرصاص بين الطرفين وسقوط عدد من الجرحى.
المسلحون الموالون للمليشيا في المنطقة تمكنوا من إعطاب عربة للحوثي الشبيبي وسط تحشيد مسلح من قبل الأخير لتعزيز مقاتليه، فيما لا تزال الأجواء متوترة في المنطقة- وفق المصادر - التي تحدثت عن استحداث القيادي الشبيبي نقطة تفتيش جديدة بالقرب من وادي عنة الشهير في العدين بهدف البحث عن مسلحين ينتمون إلى منطقة حليان بغية اعتقالهم والانتقام منهم.
محافظة الحديدة
وفي الحديدة لقي القيادي الحوثي المدعو محمد حمران مصرعه مع أربعة من مرافقيه في كمين نصبه له عناصر حوثيون آخرون في منطقة ظمي أثناء عودته من مدينة الجراحي جنوب المحافظة.
عملية تصفية حمران جاءت عقب إصدار قادة المليشيا في المحافظة أوامرها بتصفيته عقب مغادرته غاضباً الاجتماع الذي ضم قيادات كبيرة.
القيادي الحوثي حمران هو المسؤول الأول عن زراعة العبوات الناسفة على الخط العام الرابط بين مديريتي حيس والخوخة.
في صنعاء
في صنعاء قتل القيادي الحوثي المكنى أبو أيوب المعين من قبل المليشيا مشرفا لمنطقة شملان في العاصمة صنعاء مع عدد من مرافقيه في اشتباكات مع عناصر أمنية حوثية تتبع ذات المنطقة.
محافظة الضالع
قيادات حوثية متوسطة وجهت اتهامات عدة لقيادات حوثية عليا من صعدة تشرف على جبهات باب غلق وبتار والمشاريح بقعطبة والحُشا شمال غربي الضالع، بتعمد الانتقام منهم والسعي لتصفيتهم في الجبهات.
ومن بين الاتهامات الموجهة لمشرفي صعدة محاولاتهم المتكررة الدفع بالقيادات الحوثية المتوسطة ومجنديهم في مقدمة المواجهات دون غطاء أو إسناد ناري بغية تصفيتهم والتخلص منهم، بالإضافة إلى اتهامهم بالوقوف وراء التصفية المباشرة لعدد من العناصر الميدانية من الخلف أثناء انسحابهم نتيجة احتدام المواجهات.
تصفية حسابات
عديد أسباب تقف وراء تلك التصفيات والحروب البينية لعل أهمها يعود إلى تضخم ثروات العديد من قيادات المليشيا عقب انقلاب سبتمبر 2014، وسيطرتهم على العاصمة صنعاء بالقوة، اشتعلت الصرعات مجددًا بين قيادات مليشيا الحوثي على المال والسلطة.
طريقة الأجنحة المتصارعة داخل الحركة في تصفية الحسابات هي تصفية الشخصيات المعارضة نفسها إما عبر الاغتيالات، أو الدفع بهم إلى الجبهات المشتعلة، ففي العام الماضي تعرض محمد علي الحوثي لحادث سير كاد أن ينهي حياته، وحسب محللين فإن مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى يقف وراء الحادث في ظل صراع المال والنفوذ والسلطة بين قيادات الحوثي.
صراع على وظائف عليا
القيادات الحوثية تتصارع من أجل زيادة حصتها في الوظائف العليا للمؤسسات الحكومية الواقعة تحت سيطرة المليشيا، ورفع نسبة العائدات المالية التي تجنيها المليشيا من الإتاوات ونهب المواطنين، وعمليات تهريب المشتقات النفطية والأدوية والأغذية، وسرقة أموال المتقاعدين، وكذلك العقارات في مناطق سيطرتهم، وكانت منظمات حقوقية قد ذكرت بأن الحوثيين أصدروا أوامر قضائية للاستحواذ على ممتلكات عقارية لخصومهم السياسيين.
نهب الأموال
العديد من التقارير الحكومية
اليمنية والحقوقية رصدت نهب قادة مليشيا الحوثي لأموال الشعب وظهور علامات الثراء على العديد من القيادات، تلك الحالة فتحت الشهية لدى بقية القيادات الصاعدة في التهام ما تبقى.
في العام المنصرم تم تصفية عدد غير قليل من القيادات الحوثية على يد قيادات أخرى في المليشيا، وكل أسبابها تعود إلى خلاف على تقاسم الأموال المنهوبة أو مناصب أو ماشابه ذلك، فعلى سبيل المثال القيادي محمد المطري "أبوسراج" الذي كان يعمل في جهاز الاستخبارات الخاص بمليشيا الحوثي تم قتله على يد مرافق قيادي آخر يدعى «أبوالزهراء» في منزله بصنعاء بعد تصاعد الصراع على خلفية صفقات فساد وضخ مشتقات نفطية إلى السوق السوداء.
استعلائية
تزايد التذمر من التعامل الاستعلائي والدوني الذي يمارسه مشرفو الحوثي المنتمون لمحافظة صعدة والمعينون من زعيم المليشيا واستئثارهم بالمناصب والامتيازات، سبب رئيس للصراعات بين أجنحة المليشيا الحوثية التي ظهرت مؤخرا.
فالمواجهات التي حصلت في تعز ترجع إلى التعامل العنصري والمناطقي والاستعلائي الذي يمارسه حوثيو صعدة مع قيادات حوثية من تعز، وكذا عدم منحهم الثقة في صرف التغذية الخاصة بالمقاتلين من تعز، إضافة إلى التشكيك المستمر في ولائهم لزعيم المليشيا، واتهامهم المستمرة بالخيانة.
القيادي المتحوث عبدالرزاق البحر - الذي قتل في المواجهات - طالما أبدى تذمراً من الدونية التي يتعامل بها حوثيو صعدة والمشرفون المعينون من عبدالملك الحوثي مع المقاتلين معهم من أبناء تعز، وإطلاق مصطلحات استعلائية مناطقية تنتقص من تضحياتهم مع المليشيا وولائهم لها الأمر الذي أدى إلى انفجار الموقف.
اتهامات بالخيانة
الخلافات التي ظهرت بين المشن والولي تعود على خلفية اتهام حوثيي صعدة للقيادي المشن وأتباعه بـ"الخيانة والخداع" بالتواصل مع ضباط بالقوات المسلحة وتسريب معلومات عن بعض القيادات من صعدة سهلت استهدافها من قبل طيران التحالف العربي ما أدى إلى تكبيد المليشيا خسائر بشرية ومادية كبيرة.
تآكل من الداخل
حروب بينية وأعمال تصفية واغتيالات في أكثر من مكان، بالإضافة إلى الانقسامات التي تضرب مليشيا الحوثي، ناهيك عن الخلافات داخل المليشيا.
تلك الحوادث تظهر جليا عجز المليشيا الحوثية في احتواء الصراعات بين قياداتها ومشرفيها، وتنامي حالة السخط الداخلي بين أجنحة مليشيا الحوثي نتيجة سيطرة صعدة على القرار السياسي وعلى قرار المليشيا وممارسات مشرفي المليشيا العنصرية تجاه المنتمين للمحافظات الأخرى.
يؤكد محللون سياسيون أن صراع المال والسلطة وتبادل الاتهامات بالخيانة والاغتيالات والتصفيات تعد بداية النهاية لمليشيا الحوثي، وتآكلها من الداخل، فصراع المال أصبح واضحًا وبقوة بين قادة المليشيا، وأن استمرار الصراع يساعد على تخلص اليمنيين من المليشيا الإرهابية، واسقاط نفوذها في صنعاء وصعدة بعد تعريتها أمام الشعب وسقوط أكذوبة المسيرة القرآنية.
متعلقات