حثت فصائل مدعومة من إيران العراقيين على الخروج في مسيرة مليونية غداً (الجمعة) بهدف استنهاض المشاعر المعادية للولايات المتحدة في وقت أصبح فيه الصراع الأميركي الإيراني يدور في شوارع بغداد.
ويري محللون أن لمن يقفون وراء هذه المسيرة هدفين. الأول هو الضغط على واشنطن لسحب قواتها من العراق والثاني هو التغطية على الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي كانت بمثابة تحدٍ لسيطرة الفصائل على السلطة، وذلك حسب ما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء في تقرير لها.
وقد أعطى قتل الولايات المتحدة للقائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في بغداد هذا الشهر دفعة جديدة لحلفاء إيران في العراق.
لكن نواباً ومحتجين ومحللين يقولون إنه أثار أيضاً شبح تفجر مزيد من الصراع المدني في بلد مزقته حرب طائفية على مدار سنوات. وقال فنار حداد الباحث بمعهد الشرق الأوسط بالجامعة الوطنية في سنغافورة: «الاغتيال أمد الطبقات السياسية واللاعبين الميالين لإيران خاصة بشريان حياة». وأضاف: «فقد خلق قضية مضادة وأزمة مضادة دفعت الاحتجاجات نشرات الأخبار... حتى ولو لفترة وجيزة».
جاءت الدعوة للمسيرة المليونية من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي يعارض التدخل الأجنبي في العراق، وطالب أنصاره إلى المشاركة الواسعة في المظاهرات المطالبة بإخراج القوات الأميركية من العراق، والمقرر أن تنطلق يوم غد في حي الكرادة ببغداد.
وقال الصدر، في تغريدة اليوم (الخميس) على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «لقد دقت ساعة الاستقلال والسيادة، فهل أنتم عاشقون للوطن؟». وأضاف: «يا عشاق الوطن، هبوا لنصرة المعشوق فهو يستصرخكم». وكتب مخاطباً أتباعه: «أبشروا بعراق مستقل يحكمه الصالحون، لا فساد فيه ولا غزاة، فهمم العشاق تزيل الطغاة». وكان الصدر قد عاد إلى محافظة النجف العراقية قادماً من إيران للمشاركة في المظاهرة «المليونية».
وحددت الجهات الداعمة للمظاهرة ساحة الحسنين في حي الكرادة، قرب أحد مداخل المنطقة الخضراء، لتنظيم المظاهرة التي ستنطلق صباح يوم غد، وسط إجراءات أمنية مشددة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.
ومن المتوقع أن يبدأ مع مساء اليوم إغلاق الطرق ونشر القوات في التقاطعات المرورية وتهيئة الشوارع القريبة من مكان المظاهرة لمرور المشاركين فيها، بعيداً عن تجمعات المتظاهرين الأخرى في التحرير والسنك.
ويخشى المحتجون المناهضون للحكومة أن تسوء الأمور. ومنذ أشهر يقيم المحتجون في خيام في بغداد ومدن جنوبية احتجاجاً على فساد الحكومة المتحالفة مع إيران.
وقال المحتج عبد الرحمن الغزالي في ساحة التحرير في بغداد لـ«رويترز»: «هذه المسيرة المليونية مختلفة عما يريده الشارع. فهي تؤيد النظام السياسي الحالي في البلاد ولا تعارضه».
وقال الغزالي ومتظاهرون آخرون إن حركتهم قد تتعرض للتهميش بفعل ضخامة أعداد من يشاركون في المسيرة المناهضة للولايات المتحدة، وأسلحتهم. وقال الطالب حسين علي: «لن أشارك في الاحتجاجات المقبلة ضد أميركا».
*على شفا الحرب
ودفع مقتل سليماني وقائد الفصائل العراقية أبو مهدي المهندس في هجوم بطائرة مسيرة بالعراق وبالمنطقة الأوسع إلى شفا الحرب بين إيران والولايات المتحدة.
والخاسر الأكبر هو العراق الذي يتنافس فيه الطرفان على النفوذ. ولا يزال في العراق أكثر من 5 آلاف جندي أميركي بعد 17 عاماً من اجتياح العراق والإطاحة بحكم صدام حسين.
وبعد أن هزم تحالف غير متوقع جمع بين القوات العراقية وتحالف بقيادة أميركية والفصائل الشيعية المدعومة من إيران تنظيم «داعش» عام 2017. شهد العراق فترة هدوء نسبي استمرت عامين.
وتبدد هذا الهدوء بالاضطرابات التي تفجرت في أكتوبر (تشرين الأول) عندما بدأت قوات الأمن قتل المتظاهرين الذين التزموا في معظم الأحيان بسلمية التظاهر وأدى التوتر بين الولايات المتحدة وإيران إلى تزايد الفوضى.
ولقي أكثر من 450 شخصاً مصرعهم مع إقدام قوات الأمن على فتح النار بالذخيرة الحية والرصاص المطاطي وإطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع مباشرة على المتظاهرين ودارت اشتباكات على ثلاثة جسور على نهر دجلة تؤدي إلى المنطقة الخضراء في بغداد.
ومن المحتمل أن تتطور مسيرة غداً إلى اشتباكات بين المتظاهرين المناهضين للحكومة وأنصار الفصائل الذين يؤيدون الأحزاب التي تسيطر على الحكومة والبرلمان. وقال المحلل فنار حداد إن الاحتجاجات المناهضة للحكومة ستستمر مع ذلك. وأضاف أن على السلطات ألا تخفق في تشكيل حكومة جديدة.
ويدور شد وجذب بين الكتل العراقية منذ أسابيع حول من يخلف رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي يتولى رئاسة حكومة تصريف الأعمال بعد أن استقال في نوفمبر (تشرين الثاني) تحت ضغوط الشارع.