تنظم النقابات الفرنسية المعارضة لإصلاح أنظمة التقاعد يوما جديدا من التظاهرات الخميس، بعد ستة أسابيع من بدء التحركات، في اختبار للحركة التي تحاول التوسع خارج قطاعات النقل حيث بدأ الإضراب يفقد زخمه.
دعت التنسيقية النقابية إلى “يوم تعبئة مهنيّة ضخم وإضرابات وتظاهرات” للمرة السادسة منذ 5 كانون الأول/ديسمبر. ومن المنتظر أن تخرج تظاهرات في مختلف أنحاء فرنسا.
وتراهن النقابات على تحقيق تعبئة كبيرة لمواصلة الضغط ضد الإصلاح المهم الذي يطمح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “يغيّر” فرنسا عبره.
ويسعى الرئيس الفرنسي إلى مواءمة فرنسا مع أغلب البلدان الأخرى عبر تأسيس نظام تقاعد “جامع”، ومن ثم إلغاء أنظمة التقاعد الخاصة التي تسمح مثلا لعمال النقل بمغادرة الوظيفة في عمر أدنى، وكذلك للتوصل إلى توازن مالي في نظام التقاعد على المدى الطويل عبر حثّ الفرنسيين على العمل لفترة أطول، وتنال هذه النقطة النصيب الأوفر من المعارضة.
وتسعى النقابات الى موجة حشد ثانية بعد يوم تظاهر محليّ الثلاثاء حظي بمشاركة ضعيفة وأيام تظاهر على المستوى الوطني متراجعة: يوم 11 كانون الثاني/يناير أحصت الشرطة 149 ألف متظاهر بعد أن أحصت 452 ألفا في 9 كانون الثاني/يناير و805 ألف في أول أيام التظاهر 5 كانون الأول/ديسمبر.
ويتحسن الوضع تدريجيا في وسائل النقل المشترك، رأس حربة التعبئة التي كلفت أكثر من مليار يورو في قطاع النقل عبر القطار والمترو الباريسي، وفقا للحكومة.
وأكد متحدث باسم قطاع النقل عبر القطارات لوكالة فرانس برس أن “الشبكة متاحة إلى حد كبير، ولا يوجد أي إنذار هذا الصباح ولن يكون للتعبئة بعد الظهر أثر على برنامج النقل”. ويتحسن الوضع في المترو الباريسي على نحو أبطأ، حيث فتحت أغلب الخطوط لكن على نحو متقطّع.
وقالت جولي دياب التي تنتقل يوميا بين دينكيرك وليل، في محطة ليل ـ فلوندر (شمال) إنه “في بداية الإضراب كان الوضع لا يطاق، لعدة أيام لم أجد أي قطار. لكن تحسن الوضع تدريجيا واليوم، حتى وإن كان يجب إحكام التنظيم أكثر، فإن الأمور صارت أيسر”. واضافت دياب “أساند المضربين لكن أظن أننا نحتاج حدا أدنى من الخدمات”.
ومن المفترض أن يشارك كثير من الأساتذة في المسيرات، رغم بدء المفاوضات الاثنين التي ستؤدي إلى سنّ قانون لبرمجة ترفيع في الأجور.
وتفاجئ أولياء أمور تلاميذ في مدرسة ابتدائية بمدينة تولوز (جنوب غرب) بفتح المدرسة أبوابها. وقال غريغوري والد إحدى الفتيات متفاجئا إنّه “في أيام الإضراب السابقة، تم إعلامنا قبل يومين أو ثلاثة حتى نستعد، لكن يبدو أن الأساتذة يعملون اليوم”.
– خطر التطرف-
وحتى في حال تراجعت التعبئة، فإنها تبقى مدعومة من غالبية الرأي العام، وفق استطلاعات رأي.
واستجابت الحكومة حتى الآن لمطلب النقابات الإصلاحية (الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل، الاتحاد الوطني للنقابات المستقلة والكونفدرالية الفرنسية للعمال المسيحيين) عبر قبول التخلي عن الاستعادة التدريجية لنظام حوافز يحثّ بشدة على التقاعد في سن الـ 64، عوض سن الـ 62 القانوني.
وسحب رئيس الحكومة هذا الإجراء “مؤقتا” مقابل تنظيم “مؤتمر تمويل” يتولى حتى نهاية نيسان/أبريل البحث عن وسائل تضمن التوازن المالي في عام 2027.
ورأى رئيس الحكومة إدوار فيليب الأربعاء بعد اقتراح هذا الحل الوسط أن “الإضراب يواجه طريقا مسدودا” معتبرا أنه “استمر أطول مما يجب”.
واعتبرت النقابات الأكثر معارضة للإصلاح أن هذا الأخير “خدعة”، ومن بينها الكونفدرالية العامة للعمل، ولوحت باحتمال نزوع قواعدها نحو الـ”تطرف”.
وأعلن عن تحركات جديدة أيام 22 و23 وخاصة 24 كانون الثاني/يناير وهو يوم عرض مشروع القانون حول أنظمة التقاعد على مجلس الوزراء.