صادف اليوم الجمعة، مرور الذكرى الـ11 على الحرب الأولى التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة، ودامت لـ22 يوما، استخدمت فيها أعتى الأسلحة الحربية، ضد المدنيين العزل، مما تسبب بوقوع مجازر راح ضحيتها آلاف الأبرياء، الذين استشهدوا جراء الصواريخ المدمرة التي أطلقتها الطائرات والبوارج الحربية والمدفعية الإسرائيلية.
ففي صبيحة يوم السابع والعشرين من ديسمبر، وبشكل مفاجئ، نفذت أكثر من 60 طائرة حربية إسرائيلية غارات طالبت جميع مواقع قوات الأمن والشرطة التي تديرها حركة حماس في القطاع، وهو ما تسبب في استشهاد أكثر من 300 فلسطيني، في الضربة الأولى، واستمرت تلك الهجمات، لتعلن إسرائيل أنها بدأت بخوض معركة ضد القطاع أسمتها “الرصاص المصبوب”، والتي توسعت في أسبوعها الثاني، لتشمل دخول قوات الاحتلال على طول الحدود الفاصلة مع غزة، كما توغلت قوات أخرى وقطعت الطريق بين شمال وجنوب القطاع، وأخرى دخلت مدينة غزة، واقتربت من مركز المدينة.
وجاءت العملية العسكرية، بعد انتهاء تهدئة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، دامت 6 أشهر، وكانت برعاية مصرية، حيث استخدمت إسرائيل وقتها التضليل قبل شن الحرب، فقبل موعد اجتماع الحكومة الأسبوعي الذي كان مقررا بعد يوم من الحرب، لتدارس شنها، استبق رئيس الوزراء وقتها إيهود أولمرت، ووزير الجيش إيهود براك، ذلك، واتخذا قرارا بشن الحرب صبيحة يوم السبت.
واستهدفت قوات الاحتلال خلال أيام الحرب بمئات الغارات الجوية العديد من المنازل التي دمرتها فوق رؤوس ساكنيها، كما قامت بتدمير العديد من المنشآت المدنية، وقصفت مراكز لإيواء المواطنين الذين فروا من منازلهم القريبة من عمليات التوغل والقصف الإسرائيلي، كما حدث في مدرسة الفاخورة ببلدة جباليا شمال قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد عشرات الفارين المدنيين، داخل مركز إيواء للأمم المتحدة، وهو أمر تكرر في الحرب الأخيرة ضد القطاع عام 2014 أكثر من مرة.
كما استخدمت قوات الاحتلال خلال تلك الحرب العديد من الأسلحة المحرمة دوليا، ومنها اليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض، وقد أكدت ذلك العدد من اللجان المختصة، كما تعمدت قوات الاحتلال في تلك الحرب إلى ارتكاب مجازر طالت العديد من العوائل، ومن أبرزها عوائل السموني والداية وعبد ربه، التي فقدت العشرات من أفرادها بينهم أطفال، جراء القصف المركز على منازلهم.
وكان من أبرز من استشهدوا في تلك الحرب، وزير الداخلية في حكومة حماس سعيد صيام، والقيادي البارز في الحركة نزار ريان، وأسفرت تلك الحرب عن استشهاد أكثر من 1300 مواطن، بينهم أطفال ونساء وشيوخ طاعنون في السن، علاوة على إصابة آلاف آخرين، وتدمير آلاف المنازل، وكانت هذه الحرب هي الأعنف التي يتعرض لها قطاع غزة منذ بدء الصراع مع الاحتلال، قبل أن تأتي الحرب الأخيرة، وتسجل استخدام الاحتلال القوة المفرطة والمميتة بشكل أكبر بكثير.
وشكلت الأمم المتحدة بعد تلك الحرب لجنة لتقصي الحقائق، وقدمت إلى قطاع غزة، واستمعت إلى شهادات من الناجين، وتفقدت أماكن القصف، وخلصت إلى أن إسرائيل قامت بتنفيذ عمليات عسكرية ترتقي إلى “مجازر حرب”.
وخلال تلك الحرب، قامت المقاومة الفلسطينية بتنفيذ عدة هجمات بالصواريخ وعمليات الاشتباك على حدود غزة، وتمكنت للمرة الأولى من إطلاق صواريخ على مشارف مدينة تل أبيب، وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل 13 إسرائيليا.
تلا ذلك أن شنت إسرائيل حربين ضد القطاع هي “عامود السحاب” في نوفمبر من عام 2012، ودامت ثمانية أيام، و”الجرف الصامد” صيف عام 2014، ودامت لـ51 يوما، وكانت الأكثر تدميرا وإزهاقا لأرواح المدنيين في غزة.
ولم تنجح إسرائيل في تلك الحرب في إنهاء حكم حماس في القطاع، وقالت الحركة في تقرير أصدرته حول ذكرى هذه الحرب، إن سنوات من الحصار والاعتداءات المتكررة بحق القطاع “فشلت في إنهاء مشروع المقاومة”، وأن المعركة كانت مقدمة لصمود وتطور عسكري مطرد، أثبت على مدار الأيام تفوق المقاومة في مواجهة الاحتلال، ومضيها قدماً في طريق التحرير.
وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم، إن تلك الحرب “شاهد على أبشع أنواع الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال، ودليل دامغ على حجم الإرهاب الذي مارسه هذا الاحتلال ضد شعبنا”.
وأشار إلى أن الوحدة الميدانية لفصائل المقاومة، والالتفاف الشعبي حولها، أحد أهم عوامل الصمود الميداني، وأنها “منعت العدو من تحقيق أي من أهدافه”، وأضاف: “اليوم وبعد 11 عاماً من معركة الفرقان، أصبحت المقاومة أكثر قوة وأمضى عزيمة، وتعاظم إصرارها على الدفاع عن شعبها وتحقيق أهدافه”.