هاجم مئات المستوطنين في مدنية الخليل أمس، فلسطينيين، في قلب البلدة القديمة بالقرب من الحرم الإبراهيمي واقتحموه وسط حماية إسرائيلية مشددة للاحتفال بما يعرف بعيد «سبت سارة». واشتبك مستوطنون مع الفلسطينيين بالأيدي وألقوا حجارة عليهم من فوق أسطح منازل احتلوها في البلدة. وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد أغلقت الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل أمام المصلين المسلمين بحجة تأمين احتفالات المستوطنين بـعيد «سبت سارة»، واقتحم مئات المستوطنين الحرم الإبراهيمي، بعد منع وصول المصلين الفلسطينيين إليه.
وقال مدير الحرم الإبراهيمي الشيخ حفظي أبو سنينة، إن سلطات الاحتلال أغلقت الحرم الإبراهيمي بجميع أروقته وساحاته وباحاته، أمام المصلين المسلمين من الساعة الرابعة بعد عصر أول من أمس (الجمعة)، وواصلت إغلاقه حتى الساعة التاسعة من مساء أمس (السبت)، موضحاً أن أعداداً كبيرة من المستوطنين نصبوا خياماً في ساحة المدرسة الإبراهيمية وفي حديقة ومتنزه الحرم. وشدد أبو سنينة على أن هذه الإجراءات التعسفية الإسرائيلية التي تطال بيوت العبادة تعد «تعدياً صارخاً على الديانات السماوية وحرية العبادة، التي كفلتها الشرائع والقوانين الدولية»، مؤكداً أن الحرم الإبراهيمي هو «مسجد إسلامي خالص بكامل مساحاته وجميع أجزائه ولا علاقة لليهود به، وجميع الإجراءات المتخذة بحقه باطلة».
وأُصيب خمسة مواطنين إثر مهاجمة مجموعة من المستوطنين منازل المواطنين في شارع الشهداء وحي تل رميدا في الخليل المؤديين إلى الحرم. وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمها تعاملت مع إصابة طفل بحجر في الرأس بالبلدة القديمة في الخليل، ثم نُقل إلى مستشفى «عالية» الحكومي لتلقي العلاج. كما أُصيب ثلاثة مواطنين، أحدهم معاق، جراء اعتداء المستوطنين عليهم في المدينة. وأكدت جمعية الهلال الأحمر أن المستوطنين اعتدوا على طاقم إسعاف تابع للجمعية خلال تقديمه الإسعافات الأولية لأحد المواطنين في البلدة القديمة في الخليل.
واقتحام أمس، يأتي تتويجاً لحملة مستمرة منذ أيام اعتدى خلالها المستوطنون على السكان في محيط الحرم الإبراهيمي. ويوجد نحو 500 مستوطن فقط في مستعمرات «بيت إبراهيم»، و«بيت هداسا»، و«بيت رومانو»، و«تل رميدا»، في قلب الخليل يحرسهم نحو ألف جندي من لواء «غفعاتي»، وهم معاً يحتلون البلدة القديمة التي لطالما كانت توصف بقلب «عاصمة الاقتصاد» الفلسطيني ورئته، ويحولونها إلى مدينة أشباح، هاجر منها معظم أهلها الـ40 ألفاً، بينما يتعرض الآخرون الباقون فيها إلى حرب مستمرة من أجل طردهم من المكان.
وأظهر مقطع فيديو وثّقه مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة «بتسيلم»، ونشره أمس، الإرهاب النفسي والجسدي الذي مارسه جنود الاحتلال الإسرائيلي المدججون بالسلاح بحق الطفل عبد الرّازق إدريس (13 عاماً)، في حي جبل جالس من مدينة الخليل.
وعدّ المركز في تقرير له أن ما تعرض له الطفل إدريس ليست حالة استثنائيّة، إنما جزء من روتين العنف اليومي الذي يتعرّض له سكان الخليل على يد قوات الاحتلال والمستوطنين، ويشمل الاعتداء الجسدي، والتهديد، وتوجيه الإهانات، والإذلال، وتكرار اقتحام المنازل، خصوصاً في ساعات الليل، والاعتقال العبثي للقاصرين والبالغين. ونقل المركز توثيقاً لشهادة الطفل إدريس الذي أغلق الجنود مدرسته ثم اعتقلوه من الطريق وانهالوا عليه بالضرب قبل أن ينقلوه إلى داخل معسكر الجيش في مستوطنة «كريات أربع»، وراح أحدهم يشتمه وعائلته ويسأله عن راشقي الحجارة.
وأكد المركز أن سلطات الاحتلال تتذرع بالتبريرات «الأمنيّة» لهذا «الرّوتين»، كما تبرر نظام الفصل الذي تطبقه في المدينة، لكنّ ما جرى يثبت أن الأمن حجة فارغة تستخدمها إسرائيل لتبرير ممارسات تفرض على الفلسطينيين واقعاً لا يطاق، ويدفعهم إلى الرّحيل عن منازلهم وكأنّما بمحض إرادتهم.