ورسّخ قرار الأمم المتحدة بإدراج التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن على قائمة منتهكي حقوق الأطفال، حالة الشكّ السائدة أصلا في المنطقة العربية بشأن دور المنظمة الأممية وقدرتها على خدمة القضايا الإنسانية العادلة والمساهمة في نشر السلام والاستقرار وتجنيب الشعوب ويلات الحروب.
وبدا القرار حاملا لشبهة التسييس والانحياز، ومجافيا للواقع من خلال القفز على الدور الكبير الذي اضطلع به التحالف سواء في مواجهته لطرفي الانقلاب على السلطة الشرعية، الحوثيين وأتباع علي عبدالله صالح، ووقفه لزحفهم على مناطق اليمن، ثم جهوده في استعادة الكثير من المناطق من أيديهم وتأمينها وتطبيع الحياة فيها بالتوازي مع مواجهة تنظيم القاعدة ومنعه من استغلال الظرف للتمركز في اليمن واتخاذه منطلقا لتهديد المنطقة بما في ذلك المياه الإقليمية اليمنية التي تضمّ أحد أهم الممرات التجارية البحرية على الصعيد العالمي.
وانتقد إعلاميون وقادة رأي ونشطاء حقوقيون عرب وخليجيون الخطوة الأممية لجهة عقمها في خدمة القضية اليمنية وحلحلة الملف اليمني والبحث عن مخرج سلمي له.
ونقل موقع 24 الإخباري عن رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحقوق الإنسان محمد سالم الكعبي قوله إنّ قرار إدراج الأمم المتحدة للتحالف العربي في اليمن على القائمة السوداء، وتحميله مسؤولية الضحايا جنبا إلى جنب مع الأطراف الأخرى التي كانت سببا في تدخل دول التحالف للدفاع عن النظام والشرعية والمؤسسات الدستورية التي انقضّت عليها ميليشيات الحوثي وصالح، فيه الكثير من التجني والغياب الكلي للمعايير الإنسانية والأممية.
وشرح الكعبي أنّ “من بين الأسباب التي تؤكد تجني تقرير الأمم المتحدة الأخير على التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، أن من يهتم بتعليم أطفال اليمن وصحتهم وكرامتهم ويسعى لتوفير كل متطلبات الحياة الكريمة لهم من مدارس ومستشفيات وصحة ورعاية وغذاء لا يمكن أن يستهدفهم، ومن يقوم بنزع الألغام في المناطق المأهولة ويسعى لحماية اليمنيين من مخاطرها هو مهتم بحق الأطفال والجميع بالحياة ويسعى لتجنيبهم مخاطر الحرب وآثارها، ولا يمكن أن يكون غير ذلك”.
ويحيل كلام الحقوقي الإماراتي على حجم الجهود التي بذلها التحالف العربي لا سيما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لمعالجة الأوضاع الإنسانية في اليمن وتخفيف وطأة الحرب على مواطنيه.
وقدّر مركز الملك سلمان للإغاثة مجموع ما قدّمته السعودية كمساعدات لليمن منذ سنة 2015 بـ8.2 مليار دولار.
وذكر المتحدث باسم المركز سامر الجطيلي في مؤتمر صحافي عقد الإثنين بالرياض دعم المملكة لأكثر من 80 مشروعا لصالح أطفال اليمن، مشيرا إلى أنّ المساعدات للمدنيين شملت مناطق سيطرة الحوثيين.
وأوضح أن المركز قدم 66.7 مليون دولار لمواجهة انتشار وباء الكوليرا في اليمن، مؤكّدا أنّ السعودية قدّمت كامل المبلغ الذي طالبت به منظمة الصحة العالمية لمكافحة الوباء. كما بلغ إجمالي ما قدّمته إلى البنك المركزي اليمني مليار دولار، وإجمالي ما تلقته الأمم المتحدة من السعودية حتى الشهر الماضي 976 مليون دولار.
وتظهر تقارير موثّقة بالأرقام مقدار مساهمة التحالف العربي في اليمن في تحقيق نقلة نوعية على مستوى الخدمات الإنسانية والمعيشية في عدد كبير من القرى والمدن اليمنية التي استغلتها قوات الحوثي وأحدثت فيها فوضى ودمارا كبيرين، حيث لم تتوقف جسور المساعدات الإنسانية السعودية والإماراتية عن التوجه برا وبحرا نحو مختلف المناطق حتى الخطرة منها لإغاثة السكان غذائيا وطبيّا وتعليميا، وهو الأمر الذي أغفلته تقارير الأمم المتحدة.
وسجّلت مؤسسات إماراتية في مقدّمتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي حضورا بارزا في إغاثة الشعب اليمني وفي إعادة الخدمات الأساسية إلى المناطق المتضرّرة من الحرب أو المتأثرة بتبعاتها بشكل غير مباشر.
ويقول رئيس مجلس إدارة الهيئة حمدان مسلم المزروعي، إنّ الهلال الأحمر الإماراتي قام بتنفيذ إعادة إعمار وصيانة عدد كبير ومتنوع من مشاريع البنية التحتية والتنموية والتعليمية والصحية والاقتصادية في المناطق المحررة باليمن، وذلك ليستفيد منها أبناء الشعب اليمني الذين تضرروا من جراء الأحداث التي تشهدها بلادهم، وبلغ إجمالي تلك المشاريع في الفترة من مارس 2015 حتى يوليو 2017 مبلغ 1.447 مليار درهم.
وأشار المزروعي إلى أن “مشاريع الهلال الأحمر التي نفذت والجاري تنفيذها حاليا في محافظات المهرة وحضرموت وشبوة وأبين ومأرب وعدن ولحج وتعز والضالع والحديدة وجزيرة سقطري تتمثل في المشاريع الإغاثية ومشاريع الصحة العلاجية والصحة العامة وقطاعات التعليم المختلفة والبنية التحتية من مساكن وصرف صحي وحدائق عامة، بالإضافة للمشاريع الاجتماعية والاقتصادية والتجارية التي تعود بالنفع المادي على أسر الشهداء والأسر الضعيفة والمحتاجة وذوي الاحتياجات الخاصة”، منوها إلى أن “المساعدات الإنسانية المقدمة لأبناء اليمن تشمل توفير الخيام ومستلزمات الإيواء والملابس المتنوعة وتوفير الأغطية الشتوية والحقائب المدرسية والقرطاسية”.
وذكر أن “قيمة مشاريع الاستجابة الإنسانية للهلال الأحمر في حضرموت والمهرة ومأرب بلغت مليونين و322 ألفا و851 درهما، فيما بلغت قيمة المشاريع المنفذة في عدن وأبين والضالع ولحج وتعز وشبوة مليارا و169 مليونا و651 ألفا و727 درهما، ووصلت قيمة المشاريع المنفذة في جزيرة سقطرى إلى 39 مليونا و365 ألفا و433 درهما”.
وأفاد رئيس مجلس إدارة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بأن “هذه المساعدات الإنسانية تتنوع لتشمل قطاع البرامج العامة لتصل تكلفتها الإجمالية إلى 3.64 مليار درهم، وقيمة المساعدات السلعية إلى 1.57 مليار درهم، وفي قطاع توليد الطاقة وإمدادها مبلغ 1.05 مليار درهم، وفي قطاع الصحة وصلت مساعدات الهلال الأحمر إلى 603.1 مليون درهم، فيما بلغت قيمة مشاريع الخدمات الاجتماعية 483.3 مليون درهم، وقطاع النقل والتخزين بتكلفة 480.7 مليون درهم، ولمساعدة الجهات الحكومية والمجتمع المدني قدمت الهيئة مساعدات بقيمة 466 مليون درهم”. وأضاف أنه “في مجال التعليم بلغت التكلفة الإجمالية لمشاريع التعليم 129.7 مليون درهم، ولمشاريع البناء والتنمية المدنية 124.9 مليون درهم، وفي مجال المياه والصحة العامة وصلت قيمة المشاريع المنجزة إلى 53 مليون درهم”.
وانتقد الأمين العام لصندوق الزكاة الإماراتي عبدالله بن عقيدة المهيري الأمم المتحدة قائلا إنّها “لا ترى إلا بمنظار واحد وليس لديها الشمولية في عملية تغطية الأحداث، وتصنيفها، لذا فهي عاجزة عن رؤية ما يقدمه التحالف العربي من جهود لحماية الشعب اليمني”.
ووصف محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في الإمارات التقرير الأممي بـ”غير العادل وغير الصحيح”، مذكّرا بأنّ السعودية والإمارات مصنّفتان من قبل الأمم المتحدة ذاتها ضمن أكبر المانحين الدوليين لرعاية الطفولة إغاثة وتعليما وصحة ودواء، وضمن الأسرع استجابة لإغاثة الشعوب المتضررة من الحروب والكوارث الطبيعية.
المصدر: العرب