مليارات القذافي في الخارج.. أين هي ومن يستفيد منها؟
السبت 17 نوفمبر 2018 الساعة 20:18
الميناء نيوز- متابعات
فتحت قضيّة إفراج بلجيكا عن فوائد وأرباح الأموال الليبية المجمدة في بنوكها، المجال للشكوك حول وجود تهديد حقيقي للأموال الليبية المجمّدة في الخارج سواء من الدول الحاضنة لها أو من طرف مؤسسة الاستثمار الليبية التي تديرها. فرضية الشكوك تعزّزت، بعد أن كشفت المؤسسة الليبية للاستثمار، أن بلجيكا ليست الدولة الوحيدة التي أفرجت عن فوائد الأرصدة الليبية المجمدة لديها، بل "تورطت" 5 دول من الاتحاد الأوروبي في مخالفة إجراءات الحظر الأممي، وتصرفت في فوائد أموال ليبيا المجمّدة في بنوكها. ونقلت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، الجمعة، أن مؤسسة الاستثمار الليبية أوضحت، في بيان أرسلته عبر البريد الإلكتروني للصحيفة، أن "المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا ولكسمبورغ وبلجيكا أفرجت عن فوائد لأموال ليبية مجمدة لديها رغم العقوبات الدولية". وأضافت الصحيفة، أن فريق خبراء الأمم المتحدة المختص بليبيا نفى علمه بالإجراءات التي اتخذتها هذه الدول بخصوص الأموال المجمدة، مشيرة إلى أنّ بلجيكا وزّعت في فبراير الماضي عشرات الملايين من اليوروهات من الأموال الليبية المجمدة في أسواق الأسهم، وإيرادات السندات ومدفوعات الفوائد إلى "مستفيدين غير معروفين" في حسابات مصرفية في لوكسمبورغ والبحرين. ضياع ثروة ليبيا حماس هذه الدول واستثناؤها فوائد المليارات الليبية من التجميد، أثار مخاوف داخلية من إمكانية ضياع ثروة ليبيا التي تركها القذافي بعد اغتياله قبل 7 سنوات بطرق مختلفة، إما عن طريق صرفها للجماعات المسلحة لاستغلالها في تدمير البلاد وحرمانها من الاستقرار، أو عن طريق التلاعب بالأرصدة المجمّدة في البنوك الخارجية، لنهبها والاستفادة منها. وإلى حد الآن، ليس من الواضح من الذي حصل على فوائد الأموال المجمّدة التي أرسلها مصرف "يوروكلير" البلجيكي إلى حسابات المؤسسة الليبية للاستثمار في بنوكها الموجودة في لوكسمبورغ وبريطانيا، والتي اعترفت المؤسسة أنها استلمتها، لكنّها لم تقدّم إيضاحات إن كانت هذه الأموال لا تزال في حساباتها أو تم التصرف فيها واستفادت منها جهات مجهولة، إذ اكتفت بالتأكيد على أنّها ستفتح تحقيقا لمعرفة مصير الأموال، لأنّ العملية حصلت في إدارة سابقة. وعلى الرغم من أن أكثر من مليار دولار من فوائد الأموال المجمدة نقلت خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى أكتوبر 2017 إلى حسابات المؤسسة الليبية للاستثمار، إلا أن علي الشامح أحد المدراء التنفيذيين الذين عملوا في المؤسسة عام 2016 و2017، نفى في تصريح لـ"العربية.نت" علمه بذلك، مضيفا أنه طالع ذلك في الإعلام، وهو الأمر الذي يثير المزيد من الأسئلة حول كيفية تحويل مليارات الدولارات من ثروة ليبيا إلى أطراف مجهولة منذ 2011 وحتى نهاية العام الماضي، ويعزّز من شكوك وجود شبهات فساد تحيط بهذه المعاملات المالية. متى؟ وكيف؟ ولماذا؟ ولمن صرفت هذه الأموال؟ هل ليبيا تغذي أزمتها الأمنية من مواردها المالية؟ هذه هي الأسئلة التي يطرحها الليبيون ويبحثون لها عن أجوبة، وسط مطالب بضرورة تحرك السلطات الليبية وفتح تحقيق لإنارة الرأي العام، بشأن مصير ثروته المجمّدة وغير المجمدة في الخارج. قضية رأي عام وفي هذا الجانب، يقول النائب بالبرلمان الليبي وعضو لجنة المالية عبد السلام نصيّة، إنّ هذا الملف "أصبح قضية رأي عام وأمنا قوميا بامتياز"، مضيفا أنّه "لا يعقل أن يكون هناك تحقيق واستجواب في بلجيكا على أموال ليبية، بينما يصمت صاحب هذه الأموال، خاصة أن هناك شبهة إساءة تصرّف في هذه الأموال". وتابع نصيّة في تصريح لـ"العربية.نت": "نحن لا نريد أن نعرف كيف تم الإفراج عن هذه الأموال ولكن نريد أن نعرف لمن صرفت هذه الأموال، مؤكداً أنّ تحرّك وبيانات المؤسسة الليبية للاستثمار لا يرقى لمستوى وأهمّية القضية، ولا يفيد التنصل أو التحجج بأن الأمر تمّ في عهد إدارات سابقة في شيء"، داعيا النائب العام إلى ضرورة تحريك دعوى قضائية لتقفّي أثر ثروات الليبيين. ووفقا لتقديرات مؤسسة الاستثمار، فإن أصولها تبلغ نحو 67 مليار دولار، موزعة على محفظة طويلة المدى وشركة استثمارات خارجية ومحفظة إفريقيا وشركة الاستثمارات النفطية، ويتمثل نصف الاستثمارات في سندات وأموال سائلة، والنصف الآخر مكون من 550 شركة موزعة بين العالم العربي وإفريقيا وأوروبا"، لكن معظم أصول المؤسسة السائلة تقع تحت الحظر الأممي، استجابة لمطالب المجلس الانتقالي سنة 2011، خشية من الاستيلاء على هذه الأموال. قرار أممي.. وإمبراطورية مالية وعلى الرغم من تجميد هذه الأموال بموجب قرار أممي، إلا أن المؤشرات الأخيرة تحيل إلى أن بعض الأطراف لا زالت تستفيد من الإمبراطورية المالية التي تركها الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، كما بدأت هذه الأرصدة تسيل لعاب بعض الدول الحاضنة لها، على غرار بريطانيا، التي تسعى منذ فترة إلى إعداد قانون يسمح لها باستخدام الأرصدة الليبية المجمّدة ببنوكها، لتعويض ضحايا الجيش الإيرلندي التي تتهم لندن نظام العقيد معمر القذافي بدعمه في ثمانينيات القرن الماضي. ولضمان عدم ضياع ثروات ليبيا في الخارج وعدم فقدانها، دعا الخبير الاقتصادي ومؤسس سوق المال الليبي سليمان الشحومي، إلى "ضرورة القيام بمراجعة دولية للحسابات الليبية المجمّدة في الخارج من قبل الأمم المتحدة، صاحبة قرار التجميد بحجة حمايتها من النهب، ثمّ نشرها على الملأ، خاصة أن بيانات المؤسسة الليبية للاستثمار المكلفة بإدارة هذه الأرصدة، جعلتها محل شك في قدرتها على متابعة أوضاع الاستثمارات في الخارج". وأوضح الشحومي في تصريح لـ"العربية.نت"، أنّ "البداية تكون داخليا بتصحيح أوضاع المؤسسة وأجسامها التابعة لها و تطبيق إجراءات شفافة وتحسين سبل الإدارة والرقابة البداية"، مضيفا في هذا الجانب، أنّه "حان الوقت لتحرّك مجلس أمناء للمؤسسة الليبية للاستثمار، لتعزيز إجراءات حماية الأموال والأصول و يكشف عن كافة التصرفات المشبوهة ويعيد هيكلة المؤسسة وشركاتها التابعة لها".
متعلقات