ها هو بن دغر يتحدث اليوم بشكله الطبيعي الإنساني ، بعيدا عن اثواب الابتذال و اللغة السياسية و الدبلوماسية المعروفة .. يناشد دول التحالف العربي ليس من اجله و لا من اجل عائلته ، بل من أجل وطن و من أجل شعب يوشك ان يبلغ 30 مليون نسمة .
قالها و بكل مرارة "حملنا أرواحنا على أكفنا،لاستعادة الدولة، وهزيمة العدو، ومواجهة الإرهاب" ، هو لا يتحدث هنا عن مكسب شخصي ولا من أجل سلطة فانية ، بل يتحدث كجندي نذر روحه من أجل تراب هذا الوطن الغالي ، جمهورياً موحداً ، من اقصى شماله الى اقصى جنوبه .
يدرك بن دغر الذي ارتوى من مداخل السياسة و مخارج الإقتصاد ، ان الكارثة لن تقتصر على شمال اليمن ، او في تلك المناطق المحتلة من قبل مليشيا الإجرام الحوثية ، و لن تقتصر ايضا على هرم السلطة و قيادات الدولة ، بل ستشمل كل ما يدب في الأرض اليمنية من أقصاها الى ادانها .
بعيدا هناك حيث يمارس قادة بلدان العالم مطالبهم من النظراء و اصحاب السلطة و المال العالمي ، بأوراق تمرر من اسفل الطاولات ، فيها التنازلات و المكاسب و تحقيق أهداف الذوات ، لم يلتفت الى طريقتهم المثلى في التلاعب على الشعوب و لم يقلد رئيس وزراء اليونان و امثاله ، الذين عايشوا إنهيار بلادناهم اقتصاديا ، فخرج بن دغر بكل شجاعة و اقدام ، و مضى يحمل قلمه و قرطاسه ، مسطرا اعظم حروف سيخلدها التاريخ ، (لوجه الله) لوجه رب الاقتصاد و السياسة و رب الملك و السلطان ، ليعقبها تاليا ولأخوَّة الصادقة.
لم يتحدث بن دغر عن 5 مليار دولار نهبتها مليشيا الحوثي و افرغت خزينة الدولة من النقد الأجنبي ، لأن الجميع يعلم هذا ، و لم يتحدث بن دغر عن الأيادي السوداء التي تعهدت بتبيض العملة و استنزاف المخزون السوقي من النقد الأجنبي في مناطق الشرعية ، لان أمرهم مفضوح ، و لانه ايضا يدرك ان الوقت لا يسمح بفتح ملفات مفتوحة ، بل عليه إيجاد الحلول العاجلة لوقف الانهيار المتسارع للريال اليمني.
رسالته كانت واضحة كالشمس في أوج شروقها ، و صريحة كلفظ الجلالة في مبتداها ، "إن كانت هناك من مصالح مشتركة بين الحلفاء ينبغي الحفاظ عليها، ترقى إلى مستوى الأهداف النبيلة لعاصفة الحزم، فإن أولها وفي أساسها إنقاذ الريال اليمني من الانهيار التام، الآن وليس غداً، إنقاذ الريال يعني إنقاذ اليمنيين من جوع محتم".
ومن منطلق المسؤلية يخط بقلمه للشعب قبل التحالف ، و للوطن قبل السلطة ، و للضعفاء قبل الجبابرة ، محذرا من استغلال الأصوات الخافتة للإنهيار الاقتصادي لتصعد مطالبها بالخضوع و الانكسار لمليشيا الإجرام الحوثية .
من واقع خبرة الرجل يتحدث في ضرف حساس للغاية ، يحذر من السقوط والاعتراف بالأمر الواقع الذي تحاول ان تفرضه مليشيا مران ، و التي فشلت في فرضه طوال أعوام ثلاثة رغم نهبها للمال العام و شراء الذمم و الولاءات ، و نهب مقدرات الوطن و ترسانته العسكرية ، لتستغل اليوم الإنهيار الاقتصادي الذي تسببت فيه بشكل مباشر ، لتشكل ضغوطاً قوية على موقف الحكومة الشرعية و التحالف العربي ، بمساعدة من ابواق الانفصال المصغر لشلة هاني بن بريك و اعوانه ومن خلفهم دولتي إيران و قطر قطبي الشر في المنطقة .
هكذا عهدنا بن دغر ، رجل سلام في موطن السلم و رجل حرب في وجه المعارك و الوقائع ، و دبلوماسي في حين يتوجب ذالك ، و رجل سياسية اقتنع بفكر و سلوك و طبقه على ارض الواقع .. و انتمى الى مجتمع نشئ من تحت و طئة الظلم و الاستعمار و الاستبداد .. فكان طوال الفترة الماضية في جبال شبوة المشتعلة و شواطى المخاء يرفع راية الوحدة ، و يسلك مسلك البسطاء في شوارع و احياء عدن ، متنقلا بين المهرة و حضرموت و مطلعا على حياة المواطنين في مأرب و تعز و ابين و شبوة و الضالع يعمل ليلا ونهار من أجل تطبيع الأوضاع، باسط ذراعه للمقاومة الشعبية و الاخرى للجيش الوطني و اضعا نصب عينيه تحرير العاصمة صنعاء و انهاء الانقلاب ، إعادة المياه لمجاريها الأصلية لينعم الشعب بالأمن و الاستقرار و الحياة الكريمة.
اتحدث عن رجل لم يرفع شعارات اكبر من إمكانيات سلطته واتخذ من الواقعية والوسطية منهاج يقتدى به ، اتحدث هنا عن الدكتور احمد عبيد بن دغر ، رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية اليمنية .