فهمي باعباد
في مواجهة لوبي الفساد.. رؤية «بن مبارك» لبناء دولة الشفافية..!!
الثلاثاء 28 يناير 2025 الساعة 17:27
هناك محطات في تاريخ الأمم والشعوب تفرض فيها كثرة الأزمات والتحديات وتعقيداتها قادة استثنائيين، قادرين على تحويل مسار الواقع وإعادة صياغة المستقبل، فيمسكون بدفة القيادة وزمان المبادرة بثبات، ليجعلون من الحاضر بوابة وطريقاً نحو مستقبل أكثر نماءً وإشراقاً .. دولة الدكتور «أحمد عوض بن مبارك»، رئيس مجلس الوزراء، واحداً من أولئك القادة الذين آمنوا بأن بناء الأوطان يبدأ بمواجهة جذور الفساد واستئصالها .. فمنذ توليه منصبه في رئاسة الحكومة، أدرك أن معركة مكافحة الفساد ليست مجرد خطوة إصلاحية، بل حجر الأساس لبناء دولة قوية ومؤسسات قادرة على النهوض بمسؤولياتها .. لذلك جعل من محاربة هذه الآفة قضيته المركزية، التي انطلق منها لتحقيق حلم اليمن في العدالة والشفافية والنزاهة.
منذ توليه رئاسة الحكومة في (فبراير 2024)، وقف الدكتور «بن مبارك» في مواجهة منظومة متجذرة من الفساد، بكل شجاعة وبأس، ولم يتردد للحظة في إعلان حرب شاملة ضدها .. كما لم تكن هذه الحرب مجرد شعارات رنانة، بل كانت مساراً مدروساً وخطة عملية قائمة على الشفافية والمساءلة .. كيف لا ورؤيته في هذا الإطار لم تأت من فراغ، بل إنها نابعة من إدراكه العميق أن إجتثاث الفاسدين ليس مجرد إجراء إداري عابر، بل انه معركة مصيرية تحدد مستقبل اليمن.
رؤية رئيس الوزراء للمستقبل تجاوزت الأفكار التقليدية، إذ اعتبر أن القطع مع آفة الفساد ضرورة لا غنى عنها لتأسيس دولة حديثة قائمة على سيادة القانون، دولة تدار مؤسساتها بنزاهة وعدل، وتحترم فيها حقوق المواطنين بمختلف فئاتهم ومستوياتهم .. وهذه الرؤية تعكس حكمة رجل يدرك أن النزيف الاقتصادي ليس مجرد قضية مالية أو إدارية، بل انه العائق الرئيسي أمام التنمية والاستقرار.
خطوات «بن مبارك» العملية كانت واضحة وصارمة منذ البداية .. فقد أطلق سلسلة من الإجراءات الجريئة التي هزت أركان الفساد في مختلف القطاعات .. إحالة قضايا الفساد إلى القضاء كانت من أبرز هذه الخطوات، حيث لم يتردد في فتح ملفات كبرى تورط فيها مسؤولون نافذون .. ملفات شملت قضايا اختلاس ونهب في قطاعي النفط والكهرباء، واستيلاء على أراضي الدولة، وإهداراً للمال العام بمبالغ تجاوزت (ملياري دولار).
إعادة تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد كانت خطوة أخرى لافتة ضمن هذا المسار، حيث حرص رئيس الوزراء على وضع قضية اعادة تشكيلها على طاولة مجلس القيادة الرئاسي،مشددا على ضرورة تمكين هذه اللجنة من القيام بدورها الحقيقي، مانحاً إياها صلاحيات أوسع للتحقيق في التجاوزات ومراقبة الأداء المالي والإداري في المؤسسات الحكومية .. وهذه الخطوة تزامنت مع كشف عدد كبير من المخالفات التي احيلت فورا الى اللجنة، الامر الذي بدوره عزز من دور الأجهزة الرقابية في ملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم.
كما ان الدكتور «بن مبارك»، في تصريحاته المتكررة، أكد ولايزال يؤكد أن مكافحة الفساد ليست معركة فردية، بل هي معركة وطنية تتطلب تكاتف الجميع، شعباً وحكومة ومؤسسات .. هوذا الوعي العميق بأهمية الشراكة الوطنية في الإصلاح، جعله يعمل على بناء قاعدة دعم شعبي واسعة لمواجهة لوبي الفساد .. كما انه سعى إلى تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي، مستفيداً من خبرات الدول والمنظمات التي خاضت تجارب ناجحة في هذا المجال.
جهود رئيس الوزراء لم تقتصر على فتح الملفات القديمة أو إحالة الفاسدين إلى القضاء، بل امتدت لتشمل خطوات استباقية لمنع تكرار الفساد في المستقبل .. حيث أطلق خطة لإصلاح قطاعات حيوية مثل النفط والاتصالات، باعتبارها المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني .. وركز أيضاً على تعزيز الشفافية في التعاقدات والمشاريع الحكومية، مشددا على ضرورة نشر تفاصيلها بشكل علني لضمان رقابة مجتمعية على الأداء.
رؤية الدكتور «احمد عوض بن مبارك» في الإصلاح تذكرنا بتجارب أولئك القادة العالميين الذين استطاعوا تحويل بلدانهم من دول غارقة في الفساد إلى دول نموذجية في الشفافية امثال «لي كوان يو» في «سنغافورة»، الذي نهض ببلاده من مستنقع الفساد ليحولها إلى واحدة من أكثر الدول شفافية واستقراراً، و«مهاتير محمد» في «ماليزيا»، الذي قاد بلاده لتحقيق قفزات اقتصادية عبر إصلاح مؤسسات الدولة وإرساء دعائم النزاهة.
معركة الدكتور «أحمد عوض بن مبارك» هذه لم تقتصر فقط على محاربة الفساد على المستوى المحلي وحسب، بل انها امتدت إلى تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال .. فمن خلال الشراكة الاي تجمع بلادنا بعدد من الدول المانحة والمؤسسات الدولية، يسعى رئيس الوزراء إلى جلب الخبرات العالمية وتطبيقها على الساحة اليمنية .. هذه الشراكات لم تقتصر على الدعم الفني، بل تضمنت أيضاً تحفيز المجتمع الدولي لدعم جهود إعادة البناء والإصلاح الاقتصادي، مما يجعل من مكافحة الفساد جزءاً من استراتيجية متكاملة لتعافي اليمن.
واحدة من أبرز الخطوات التي قادها الدكتور «بن مبارك» كانت التركيز على إصلاح القضاء باعتباره المفتاح لضمان نزاهة المحاكمات ومحاسبة الفاسدين .. فقد دعا إلى مراجعة أداء الجهاز القضائي وضمان استقلاليته، مؤكدا أن قضايا الفساد يجب أن تحل بحيادية تامة، بعيداً عن أي تأثيرات او تدخلات سياسية أو قبلية .. وهذه الخطوة بدورها تهدف إلى إعادة الثقة بمؤسساتنا القضائية باعتبارها الحصن الأخير لتحقيق العدالة.
وعلى الجانب الاجتماعي، أدرك الدكتور «بن مبارك» أن الفساد لا يمكن مكافحته دون خلق وعي شعبي بأخطاره .. لذلك، اكد على ضرورة اطلاق حملات توعية وطنية لتثقيف المواطنين حول أهمية النزاهة والشفافية ودورهم في الإبلاغ عن الفساد .. وهذا التوجه يهدف إلى جعل الشعب شريكاً أساسياً في عملية الإصلاح، مما يعكس فهم الرجل العميق للعلاقة التكاملية بين الحكومة والمجتمع في بناء دولة القانون.
كما أن رؤيته للمستقبل تتضمن الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لتعزيز الشفافية في العمل الحكومي، لذلك نجده يعمل على إدخال أنظمة رقابة إلكترونية تتبع أداء المؤسسات وتكشف أي خروقات في الوقت الحقيقي .. وهذه الخطوة الهامة تؤكد حقيقة استشرافه للتحديات القادمة، اذ ان تطبيقها سيجعل من الصعب على لوبي الفساد التلاعب بالأنظمة التقليدية، وبلاوشك ستحول اليمن نحو العصر الرقمي في إدارة شؤون الدولة.
جانب آخر بالغ الأهمية في جهود الدكتور «بن مبارك» هو إصراره على محاسبة جميع المسؤولين المتورطين بالفساد، بغض النظر عن مناصبهم أو نفوذهم او ولاءاتهم وانتماءاتهم .. فقد أكد مراراً ولا يزال يؤكد أن لا أحد فوق القانون، وأن العدالة لن تستثني أي شخص مهما كان مركزه .. وهذا الالتزام بالمساواة أمام القانون هو رسالة قوية تعزز الثقة بين المواطنين وحكومتهم.
وبالتأكيد ان معركة كهذه لم تكن سهلة، كون منظومة الفساد المتجذرة، والتي استفادت لعقود من غياب المحاسبة وضعف الرقابة، اذ انها لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الخطوات .. بل انها على العكس، لجأت إلى شن حملات شرسة تستهدف تشويه صورة رئيس الوزراء والنيل من مصداقية توجهاته ونشاطاته .. في محاولة لعرقلة جهوده الإصلاحية بكل الوسائل الممكنة .. ومع ذلك، لم يتراجع «بن مبارك» عن خطه الواضح .. بل إن هذه الهجمات لم تزده إلا إصراراً على المضي قدماً، فقد اعتبر أن قوة ردود الفعل تلك لم تكن سوى دليل على نجاحه في ضرب جذور الفساد.
كما ان التحديات التي واجهها الدكتور «بن مبارك» ولا يزال يواجهها ليست فقط داخلية، بل انها تشمل بيئة إقليمية ودولية مضطربة تعقد عملية الإصلاح .. ورغم ذلك، استطاع أن يجعل ملف الفساد قضية محورية على أجندة الحكومة، متجاوزاً ضغوطاً كبيرة كان من شأنها ان تقود قادة آخرين إلى التردد .. لكن شجاعته ووضوحه في هذه المواجهة اضافت بعداً جديداً لقيادته وجعلته محط اعجاب وتقدير الجميع.
اما الامر الذي يجعل من جهود رئيس الوزراء ملهمة ومؤثرة فيتمثل في أنها لا تستهدف فقط استرداد الأموال المنهوبة أو محاسبة الفاسدين، بل تهدف إلى إعادة بناء ثقة المواطن البسيط بدولته في بلد مزقته الحروب والصراعات، حيث ساد الإحباط واليأس، لذلك جاءت تلك الجهود كرسالة أمل تحمل في طياتها وعداً بمستقبل أفضل .. ولأن اليمن اليوم يقف أمام مفترق طرق حاسمة - فآن نجاح جهود «بن مبارك» في مكافحة الفساد من شأنها ان تحدد إلى حد كبير المسار الذي ستسلكه البلاد .. ففي حال استطاع هذا القائد الحكيم والمثابر تجاوز العقبات ومواصلة حملته الإصلاحية، فإن اليمن قد يكون على أعتاب مرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية.
وبشكل عام فإن الدكتور «بن مبارك» قالها بوضوح: «لا يمكننا بناء وطن نزيه إلا إذا قطعنا دابر الفساد» .. وهذه الكلمات ليست مجرد تصريح إعلامي، بل انها تمثل ميثاق عهد لرجل يعرف جيداً أن المعركة ليست سهلة، بل انها في غاية التعقيد والصعوبة ولكنها رغم كل ذلك تستحق أن تُخاض بكل ما أوتي من عزم وإرادة .. وهذا التوجه هو ما افتقدناه وما لم نشهده في بلادنا من اي حكومة سابقة خصوصا اننا في زمن باتت فيه المساءلة والنزاهة الشفافية قيما مفقودة.
ختاما نؤكد هذا الرجل، الذي يحمل على عاتقه تطلعات شعب بأكمله، يثبت كل يوم أن القيادة الحقيقية ليست في الشعارات أو الخطابات، بل في القرارات الجريئة والأفعال الملموسة .. لكن في المقابل علينا جميعا ان نعي أن نجاح هكذا جهود، وان الانتصار في هكذا معركة لا يمكن ان يتم ويتحقق مالم يكن هناك وعيا شعبياً حقيقياً بأهمية الإصلاح، ودعماً ومساندة وطنية واسعة من مختلف الفئات.
والله من وراء القصد،،،