بالأمس وعكس معطيات الأحداث ومجرياتها، والتي يعرفها الجميع فيما يخص العراقيل التي واجهها المفلحي وجعلته عاجز القدرة على القيام بمسؤولياته، خرج علينا باستقالة كل مضمونها جانب الصواب وذهب بعيداً عن الحقيقة، في هروب فعلي عن الواقع، رامياً فشله على الحكومة، وفي جزئية معينة ما عرفت بالخمسة مليار ريال يمني التي خصصت لمشروع تطوير الإتصالات والإنترنت، حيث سبب استقالته بهذه الجزئية وأغفل الأسباب الحقيقية التي حالت دونه وأجبرته على المغادرة، وهذا ما أثار حفيظة الجميع حيث تحولت استقالته إلى مادة للتحليل والاستغراب والتندر، إذ كيف تجرأ المفلحي على لي عنق الحقيقة وإخفاء أسباب استقالته المتمثلة في منع الانتقالي له من دخول مبنى المحافظة وعدم قدرته على التحرك، ويختصرها -بإجحاف- في قضية لا سلطة لقيادة المحافظة ولا إدارة عليها، فالموارد المركزية والضرائب والجمارك أمر سيادي من صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
لقد خانت هذه المرة رجل الإقتصاد ذاكرته وما تعلمه في سنين تخصصه، حيث اتهم الحكومة بالفساد نتيجة تحويلها مبلغاً من حساب حكومي رسمي إلى حساب حكومي رسمي اخر وبأوامر وتوجيهات من فخامة الرئيس، لصالح مشروع دولي وقومي هام، حيث اتضح أن المحافظ لم يكن يعلم أن التخطيط لهذا المشروع بدأ قبل خمس سنوات وتم التوقيع على تنفيذه في صنعاء قبل سقوطها، وبلغة الاقتصاد؛ أين هو الفساد في حوالة بنكية رقمية من حساب رسمي إلى حساب رسمي اخر ولمشروع وطني أعلن على الملأ، والمبلغ المحول من إيرادات الدولة السيادية (الضرائب) الغير مخصصة للمحافظة بل مركزية لجميع المحافظات، وعلاوة على ذلك فإنه في رسالته كشف نيته بمخالفة قوانين البلاد من خلال إفصاحه أنه كان ينوي استخدام الموارد المركزية لمدينة عدن فقط، ومع التأكيد على أن عدن تستحق كل العطاء، لكن ما كان ينوي المحافظ القيام به يعتبر مخالفاً وانتهاكا صريحاً يستدعي تدخل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، فضلاً عن أن ذلك لو تم فإنه سيجعل من الدولة عاجزة عن القيام بمهامها والتزاماتها تجاه باقي المحافظات التي هي من مسؤولية الحكومة وجزء من الوطن.
إن الفساد والجرم الحقيقي بحق الوطن والمواطن يتمثل في سيطرة المليشيات المسلحة على مباني ومؤسسات الدولة، ومنع رجالات الدولة والمسؤولين الدخول إليها وممارسة مهامهم، وهو ما أغفله المحافظ، أما وصف عملية تحويل رسمية الى حساب وزارة حكومية بالفساد فهي سابقة وأمر جديد على متخصصي الاقتصاد وأجهزة مكافحة الفساد، وليست سبباً حقيقياً لرجل الدولة الأول في محافظته والممثل لرئيس الجمهورية ليقدم استقالته، وهكذا خلافات أو تباينات بين رجالات الدولة تحل بطرقها الرسمية المعروفة ولا تستحق تقديم الاستقالة وإثارة القضية بالشكل الذي ظهرت عليه.
نسي الأخ المحافظ أن السلطة المركزية التي يتهمها بالفساد في تناغم واضح ومفضوح مع الإعلام الحوثي وصالح، وفي اتساق تام مع إعلام المجلس الانتقالي وأعداء الوحدة اليمنية الدولة الاتحادية قد خصصت وصرفت مبالغ أكبر من الخمسة مليار لعدن وحضرموت وتعز ومأرب وكل المحافظات المحررة لتحريك التنمية .. وتهيئة المدينة لتكون عاصمة ومدينة المدن اليمنية، وأن هذه المبالغ قد تجاوزت المئتي مليار.
يتهم المفلحي الحكومة بالفساد لأنها حولت مبالغ من حساب الدولة إلى حساب الدولة في خطوة دستورية وقانونية لا يرقى إليها الشك .. فأين هو الفساد..؟ الحكومة معنية بعدن كما هي معنية بكل اليمن.
لمن أراد الحقيقة المرة؛ الصراع في عدن ليس له علاقة بادعاء الفساد، للأسف الشديد، هذا الصراع له علاقة باليمن كياناً وهوية ومستقبلاً، وقد مثّل بن دغر وحكومته حائط صد قوي وصلب منع انهيار الوحدة. ورفع سقف الدولة الاتحادية وعلم اليمن الموحد عالياً.
يُهاجم بن دغر وحكومته لأنه وحدوي آمن بوحدة وطنه وأمته، ونافح عن مواقفه ومبادئه، فيما كان الكثيرون من منتقديه وحكومته انفصاليين بكل مافي هذه الكلمة من معنى وإن تستروا خلف الخطابات الديماغوجية للمهاجرين.
أخيراً كان الأحرى بالأخ المحافظ أن يسبب استقالته بالأسباب الحقيقية التي أدت إلى فشله في القيام بمهامه وإدارة المحافظة، ولا ضير إن جعل هذه القضية أحد الأسباب، لا أن يجعل الحكومة شماعة يعلق عليها فشله وينسل من مسؤولياته، ويخفي الحقيقة، كما أن عدم تطرقه للمجلس الانتقالي وما قام به من عبث في عدن أمر يثير الشكوك ويضع علامات الاستفهام حوله وحول أهدافه ونواياه سابقاً ولاحقاً.