من حق الكويت على كل محبيها أن يساندوها بكل ما يستطيعون، ولو بشق كلمة، وعلى هذا الأساس فمن حقنا - ونحن نحبها - أن نعبر لها ولأهلها عن حبنا في هذا الظرف التاريخي الذي تمر به، والذي يتطلب تماسكًا وتوحُّدًا وصدقًا في القول والفعل.
أستطيع القول إن القرار التاريخي - الذي اتخذه أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح - هو الخطوة الأولى لإنقاذ الكويت من شبح الفتنة التي تهدد الكويت دولةً وشعبًا، بسبب ما شهدته الكويت من أعمال تطييف وتخندق، تغذيها قوى داخلية وخارجية، ووصلت إلى داخل بعض المؤسسات التي لها تأثير في صنع القرار.
ولا أريد أن أستبق الحدث بالحديث عن خطوات أخرى مرتقبة، أوحى بها الخطاب الأميري التاريخي، وتتطلبها القرارات الحاسمة والحازمة التي أعلن عنها سمو أمير الكويت، لكني سأتوجه لأهلنا في الكويت، وأقول لهم إن الخطوة الأهم والأصدق والأجدى بالنسبة لكم أن تتوحدوا وتتماسكوا وتصطفوا بصدق خلف أمير البلاد، اصطفافًا صريحًا وجادًّا لا مواربة فيه ولا تردد.
الكويت بلد الخير والسلام، لا تستحق سوى الخير والسلام، ولا تستحق - من أهلها ومحبيها - سوى المحبة وما هو أكثر وأكبر من المحبة، وأجزم أن القرار الذي اتخذه أمير دولة الكويت بحل البرلمان وتعليق العمل ببعض مواد الدستور لم يكن إلَّا محبةً للكويت وأهل الكويت، بعد أن رآى البلاد قاب قوسين أو أدنى من فتنة تهدد حاضر ومستقبل الكويت، يلوِّح بها من استحلوا المتاجرة بقضايا الشعب، وبدأوا يؤججون نيران الفتنة كسلاح يهددون به كل من يعتقدون أنه قادرٌ على أن يقول لهم كفاكم عبثًا.
الكويت بلد المحبة والثقافة والديمقراطية والتطور والتنوع والتعايش، بدأت تتسلَّل إليها الشرور عبر أنفس ضعيفة متهورة أنانية غير سوية، وعبر ضمائر كفرت بالحق والعدل والمنطق والوطن، وارتهنت لقوى خارجية، أو رهنت مواقفها لمصالح أنانية غير مشروعة، واستثمرت المناخ الديمقراطي أسوأ استثمار؛ لممارسة ثقافة التطييف القبيح داخل المجتمع، والتخندق الأسود خلف المواقف المنحرفة والمصالح غير المشروعة، حتى أصبحت خطرًا على المجتمع وعلى الوطن وعلى الديمقراطية وعلى السلام والأمن والاستقرار في الكويت.
هذه هي الحقيقة التي يجب أن يدركها شعب الكويت الحبيب ويتعامل معها بمسئولية وصدق، ويبادر إلى أداء واجبه نحو نفسه ونحو وطنه ونحو حاضره ومستقبله، من خلال الاصطفاف الصريح خلف أمير البلاد، وتأييد قراراته الصعبة التي اتخذها والتي سيتخذها لاحقًا لحماية البلاد من الانجراف إلى هاوية لا يُحمد عقباها.
وهذه هي الحقيقة التي يجب أن يستوعبها الأشقاء في دول الخليج والمنطقة العربية، وأن يسارعوا إلى إسناد دولة الكويت وشعب الكويت وأمير الكويت، قبل أن نصحو - من غفوة التجاهل - وقد خسرنا دولة خليجية عربية شقيقة انهارت - لا سمح الله - أمام أعيننا وعلى مسمعٍ ومرأى منَّا جميعًا.
أما بعد : يشهد الله أني كنت أتابع ما يحدث في الكويت ويدي على قلبي؛ خوفًا على الكويت وأهلها، من أن تمضي بهم هذه الظروف الطارئة إلى ما مضت ظروف مشابهة بدول عربية شقيقة عصفت بها الأزمات فألقت بها إلى ما لم نكن نتمناه لها ولأهلها، ولكني - ومنذُ اللحظة الأولى لمتابعتي لخطاب أمير الكويت التاريخي، الذي أعلن فيه عن حل البرلمان وتعليق العمل ببعض مواد الدستور لما تقتضيه المصلحة العامة للكويت - بدأت أشعر بالاطمئنان على الكويت، وطنًا ودولةً وشعبًا.
وأدركُ - كما يدركُ غيري من المتابعين للشأن الكويتي - أن كُل عمل عظيم مهما كانت عظمته سيكون له من يعارضه، وهذه طبيعة البشر، لكني أدرك أيضًا أن - ومن خلال متابعتي للأحداث ومن خلال قراءة متأنية لخطاب الأمير وقراراته - أن ما حدث هو الخطوة الأولى لإنقاذ الكويت من مشاريع فوضوية صغيرة بدأت تطفو على السطح، وكان لا بد من التصدي لها حتى لا تعصف بالبلاد.
سأكتفي بهذا الإيجاز السريع، وقد أجد فرصة للدخول في بعض التفاصيل لاحقًا، لكن الأهم الذي أريد أن أقوله لأهلنا في الكويت اليوم هو:الكويت تعني لنا الكثير ونثق أنها تعني لكم كل شيء، ومن أجلها ومن أجل أنفسكم ومن أجل حياتكم وحاضركم ومستقبلكم، تماسكوا وتوحدوا، وحافظوا على عمود خيمتكم، واصطفوا مع أنفسكم خلف أميركم؛ لإنقاذ بلادكم من الفوضى والعبث والخيارات المجهولة.
إياكم - يا أهلنا في الكويت - أن تخوضوا تجارب عبثية خاضها غيركم، فألقت بهم وببلدانهم إلى الخراب والدمار، فلستم بحاجة إلى تجريب مجرب معلوم لكم وتابعتموه جيدًا، ورحم الله من اتعظ بتجارب غيره.
الكويت - يا أهلنا في الكويت - هي أمكم وأرضكم وحياتكم وحاضركم ومستقبلكم، وأميرها قائد حكيم هو رمز عزتها وعزتكم، ويعلم جيدًا ما تحتاجه الكويت، ويعلم ما هو المهم وما هو الأهم، فلا تذهبوا بعيدًا أو تأخذكم النزوات التدميرية التي يصنع لها أعداء الحياة وأعداء النجاح وأعداء البناء صورًا مغرية ومسميات مثيرة؛ لتضليل الناس بها، ولجرهم إلى تدمير بلدانهم بأيديهم.
الكويت - يا أهلنا وأحبتنا في الكويت - أيقونة عربية نحبها كما تحبونها، وتستحق الخير والبناء والتنمية والاستقرار والسلام، وأنتم أهلها وأهلٌ لإنقاذها من الأعاصير، وأهلٌ لحمياتها ولبنائها ولتطوريها ولتحقيق السلام والاستقرار الذي تحتاجه الكويت وتحتاجونه أنتم فيها.. حفظ الله الكويت دولة وأميرًا وشعبًا، ولا نامت أعين المتربصين.