في زمن الصرعات والإنقسامات وتعدد الولاءات من الصعب جداً أن نجد شخصية سياسية وطنية وسطية تحضى بقبول وحب واحترام وتقدير مختلف الأطراف والمكونات السياسية سيما المتصارعة منها، أو تلك التي يوجد بينها نوع من الخصومات، ذلك لأن ظروف المرحلة ومتطلبات العمل والاداء تتطلب من الجميع تحديد مواقفهم من المكونات إما مع أوضد، بمعنى أنه من النادر جدا أن تجد شخصية سياسية غير مؤطرة، تحضى بقبول وإجماع الكل، وولاءها منصب ومنحصر للوطن والشعب فقط وفقط.
وأن نجد اليوم شخصية بهذه المواصفات، وفي ظل حالة الانقسام والتشظي والصرعات التي تمر بها البلد، فذلك يعني أن صاحبها هو الاكثر وطنية وحكمة وحنكة واعتدالا واتزان، والأكثر حباً وارتباطا بالوطن والشعب، والأشد حرصا على أمنه واستقراره وسكينته، والأكثر كفاءة ونزاهة وذكاء وفطنة ودهاء .. وهذا ما تجلى لنا مؤخراً في شخص دولة الدكتور معين عبدالملك سعيد - رئيس مجلس الوزراء، الذي أجمعت عليه مختلف المكونات والاطراف السياسية، لينال بذلك ثقة الجميع في تولي منصب رئيس حكومة الكفاءات التوافقية «الوحدة الوطنية» الجديدة، وهو الأمر الذي قوبل بتأييد ومباركة شعبية واسعة.
وقد تجلت صوابية قرار تكليف هذا القيادي الاستثنائي لتولي ادارة شئون هذه الحكومة التوفقية، وحسن اختيار كافة الاطراف والمكونات السياسية له - في الموقف الوطني الشجاع والصادق الذي أبداه هذا الرجل في تعامله مع الحادث الإرهابي الذي استهدفه هو وحكومته في مطار عدن، والذي تمثل في كسره حاجز الخوف عقب ساعات من وقوع التفجير وظهوره في وسائل الاعلام لطمأنة الشعب، وتأكيده لليمنيين بأنه وحكومته سيمضون قدما في اداء مهامهم مهما تعاظمت الاخطار والتحديات التي تواجههم .. ولم يكتف بذلك بل انه خرج عقب ذلك الى الميدان لتفقد الجرحى والاطمئان عليهم في المستشفيات، الى جانب ودتلمس الاوضاع في العاصمة المؤقتة عدن بشكل عام، وهي مغامرة شجاعة ونادرة لا تصدر الا من شخص وطني يحب شعبه وبلده ويؤثرهم على نفسه وحياته.
أما الأمر الملفت والمُبهر والذي مثّل صفعة مدوية في وجوه كل معارضي هذا الرجل، والذي أيضا ضاعف من شعبيته، وجعله محط ثناء وحب واحترام جميع اليمنيين - هو أن مغامرة دولة الدكتور معين عبدالملك ومخاطرته بحياته - لم تتوقف عند ذلك الحد بل أنه ورغم خطورة الوضع في مدينة عدن، واصل القيام بأعماله وواجباته منذ لحظة وصوله ودون توقف، كما وجه اعضاء حكومته ايضا لمباشرة مهامهم على الفور، والتصدي لكل التحديات والعراقيل .. مبديا من خلال ذلك ثباتا وصمودا اسطوريا، وحرصا غير مسبوقا على خدمة اليمنيين، والوفاء بمسئولياته تجاههم حتى وان كلفه ذلك حياته .. وفي الحقيقة هذه المواقف هي ما افتقده اليمنيون طويلا، وطبعا لا تصدر الا من شخصية قيادية ووطنية عظيمة.
وحتى لا نتهم بالتحيز والتطبيل لشخص رئيس الحكومة، نقول لكل المشككين والمقللين من ادواره وعظمة مواقفه: تعالوا عدن ولامسوا الاوضاع والتعقيدات والاخطار التي تشهدها عن قرب، وتابعوا النشاط الحثيث والجهود المستمرة والدؤوبة التي يقوم بها هذا القائد الإستثنائي والمحنك على الدوام، وستدركون عظمته وقوته وكفاءته واهميته وشجاعته ودهائه .. فالرجل ومنذ وطأت قدمه عدن يعمل بدأب ونشاط منقطع النظير مواصلا الليل مع النهار بلا توقف، ورغم كثرة المهام والالتزامات، وضخامة وتعقيدات الملفات التي يعمل عليها، وهول التحديات والصعوبات التي يواجهها - الا انه لا يتردد في دراسة وتقصي كل شيء واتخاذ القرارات المناسبة ازاء كل قضية ومشكلة، والتوجيه بحلها على الفور .. وذلك بما يصب في معالجة وتطبيع الاوضاع في شتى مجالات الحياة.
وللامانة نقول وبأعلى أصواتنا ما يقوم به دولة الدكتور معين عبد الملك، واعضاء حكومته في عدن، من مهام وأنشطة وأدوار تمثل إنجازا تاريخيا، واعجازا غير مسبوقاً .. وجميعها تؤكد وبما لا يدع مجالا للشك بأن قرار تعيينه رئيسا للحكومة كان صائبا بكل ما تعني الكلمة، وأن هذا الرجل دون سواه كان الانسب والافضل والاجدار بتولي هذه المهمة سيما في هذه المرحلة الصعبة والشائكة والمعقدة .. إذ انه وحده وبما يتمتع به من حنكة وحكمة ودبلوماسية ودهاء القادر على احتواء جميع الأطراف، وتطبيع الاوضاع، ومعالجة المشكلات والازمات الصعبة والمتقادمة التي نشهدها .. ونحن على ثقه بأنه حتما سيتمكن من اخراج البلاد الى بر الأمان .. فقط يتوجب علينا جميعا اليوم دعمه ومساندته ومؤازرته ومباركة جهوده وخطواته .. ولنتذكر دائماً بأن خلاصنا ومستقبل بلادنا مرهون بنجاحه.