فهل تبقى له اليوم شيء ليراهن عليه ؟!
المراهنون على معجزات صالح ، فقدوا رهانهم ، وتخلت عنه حتى الدول التي انتصرت له وبه وبغيره من شعب قال له يوما بعد أكثر من ثلاثة عقود توقف .. وارحل بسلام آمنا من ملاحقتنا ، ومطمئنا من جانبنا ، بل وفائزا بعفو الشعب عند المقدرة .
لم يتبق اليوم حول عفاش سوى بعض أسرته ، وبعض أصهاره .. حتى المنافقون ، وحتى الراغبون في ذهب المعز لم يعودوا يخشون سيفه .
جنوده ، ودولته ، ومجاملوه ، ومن كانوا يخشونه ، ومن كان حتى يحبه في ضلال ، ومن كان يعشق البقاء في نعيم سلطة ، ليستخدم يده الباطشة ، وسلطته الجائرة ، ويمارس سطوة الحاكم الطاغية ، وغضبته الغاشمة ، ومن كان يحلو له مجالسته ، ليحاول تقليده ، أو ليتعرف على طريقة انتهازيته ، وسرعة بديهته في التقاط الإشارة عمن يحبه ، ومن يكرهه ، وكل من اغتر بملكه الذي بلي ، وشاهد سلطانه الذي اخلولق ، وخبر بمعشره الذي لا يؤتمن.. كل هؤلاء وأولئك غادروه ..
الأذكياء منهم قفزوا من سفينته، حينما أدركوا أن سفينته غارقة لا محالة ، وحينما اختار بكل وقاحة الثعابين والحيايا والفاسدين ، وفضّلهم على شعب صبر عليه ربع قرن ، وفوقه عقد من الزمان !! بعد أن اغتال حلمه ، ودفن مجده ، وسمم حاضره وماضيه مستقبله .
لم يعد لصالح فرس يراهن عليه ، مثلما أنه لم يعد هو بنفسه فرس رهان لأي عاقل !!
بل حتى لم يعد له ناقة يتنقل فوقها حيث شاء .. فصالح - منذ زمن - عقر ناقته!!
وأخفى على كل من حوله مكان دفنها ، ثم ادعى وأوهم تابعيه ومن كان حوله أنه أودعها مكانا آمنا قصيا .. خشية عليها من عيون وسكاكين الرهط التسعة المفسدين ، الذين تبين اليوم أنه باع لهم رأسها !!
صالح الذي كان بهلوانيا يخدع الناس ، ويدعي المعجزات .. دفعه حقده الأسود، وأغوته لذة الإنتقام المتأصلة في ضميره ووجدانه أن يثأر ممن ثاروا عليه ..
وها هو اليوم قد ظهر جلياً للجميع أنه مستعد لبيع كل شيء حوله ، حتى يشبع شهوة الانتقام التي لم يرو ضمأه منها ما شرب من دماء المستضعفين الذين لا ذنب لهم .. ولا الأبرياء الذين كانوا حتى يؤمنون به ، ويعتقدون في قوته ما نسوا بها قدرة الله عليه !!
فماذا يتوقع صحيح العقل من شخص فرط بقادة حزبه المخلصين له لا لسواه حتى حزبهم الذي تاجر به ، وتاجر فيه ، وباع باسمه وطن ، واستورد بقيمته كل سماسرة الموبقات ، وتجار السحت والحرام ، وكل أعداء وطنه ودينه وشعبه وأمته وهو يعلم أنهم أيضا أشد أعدائه ؟!!!!!
تخلى صالح بالأمس عن المخلصين له ، وجازى جزاء سنمار كل من ساعده ، وأعانه لأن من قتلوا سنمار أجداده ، والعرق دساس!!!
باع صالح كل من كان مع الوطن ، ثم باع كل من لم يختر الوطن على حد سواء ..
واختار أن يبقى هو .. هو والفاسدين فقط !!
أما المخلصون لوطنهم فقد تخلصوا من تبعيته مبكراً !!!
صالح الذي تخلى عن أتباعه المخلصين في جيشه ، وحدّ سكينه وسلمها لذباحهم بمناسبة وغير مناسبة .. وسلم رقاب من ينتسبون إلى الجيش والأمن وزاد أن سهّل على عدوه ، ويسر له قطف رؤوسهم ، وجعل أغلبهم صيداً سهلا لحلفائه الجدد !!
بل هو ذاته من فرط بأقرب المقربين منه ممن يقومون بحمايته أو حماية أبنائه كما هو الحال في مقتل العقيد خالد الرضي ..
ولم يكتف !!! إذ وصل به الحال أبعد من ذلك ، فقد تخلى عن إعلامييه الذين كانوا هم صوته العالي في أرجاء اليمن والعالم .. قد يستغرب المرء كيف يعيش هذا الرجل ويتنفس بعد كل هذا التفريط ، وماهي طينته وعجينته التي تشكل منها ؟!!
لا أحد يجد له مبرراً سوى أن يستسلم البعض للتفسير الأقرب للفطرة : أنه ربما سوء عمله الذي يمسك بخطامه ، ويقوده إلى مدارك السوء ، وإلى النهاية الدرامية المأساوية التي ستكشف وتتحدث عنها الأيام المقبلة .
إذ بات واضحا الآن أن صالح بعد أن عقر ناقته بكلتا يديه ، هاهم الحوثيون الذين باع لهم رأسها يريدون اليوم بعدها رأسه !!
فما أعجبه من منظر ترى فيه أيديهم القابضة على السيوف تمسك أيضا بالأخرى رأسه ليقطعوه ، وهو يقبل أيديهم امتنانا وامتهانا !!
تراهم يسوقونه إلى حتفه ولايزال يكابر .. لكن ليس عليهم .. بل على من مد ، ويمد ، وسيمد له يده لينقذه ( يوم الرابع والعشرين من أغسطس الماضي ) فجازاهم بأن بصق في وجوههم وأيديهم الممتدة إليه ... لأنه لا يرى الوفاء في الشعب ولا يشعر به لكونه ينظر لكل شيء بعين طبعه الذي لا يعرف الوفاء !!
سترونه في الغد يشرف على جلاديه ، ويدلهم على أطرافه ليقطعوها ، ويقنعهم بأن جذعه ممتلئ باللحم والدسم ليشويه هؤلاء الذين رأوه ديكا روميا كبيرا يريدون طهيه في يوم عيدهم ، رغم انه يحاول إقناعهم أنه صقر لكن لحمه لذيذ !!!
وتبقى اليوم السؤال الكبير ؟؟؟
لماذا باعهم رأسه ، بعد أن باعهم رأس ناقته التي كانت بمثابة معجزته، وطوق نجاته ؟!!
ويزاحمه سؤال آخر ملح يفرض نفسه في هذا المقام : هل لايزال سويٌ يشك بأن نهاية صالح ستكون أبشع من نهاية الزير سالم ؟!
رسالة لمن تبقى من قيادات المؤتمر الشعبي العام الذين لازالوا تحت خطر المليشيات وقد تبين لهم خيانة زعيمهم لهم : إن كنتم تنتمون إلى الحزب فقد أصبح ربانه هادي .. وإن سحبكم نهر الدماء الى أراقها طوال عمره إلى من لا تزالون تظنون أنه جبل يعصمكم من جبال موجها الطاغي ، فاعقدوا العزم على تحمل ما سيأتيكم من صالح ، وما سيأتيكم من أجل صالح ، وحلفاء صالح ، وأعداء صالح فالثعبان سيلتهم صالح ومن مع صالح، وسيكبر ثعبان النوكيا كلما التهم منكم أحد إلى أن يلدغ نفسه وتنتهي حينها اللعبة !!!