محمد عبدالله القادري
الهوشلية والهيدانية في انتخابات الحوثي البرلمانية
الثلاثاء 26 مارس 2019 الساعة 19:05
عندما تشاهد الطريقة والتفاعل ونظرة الناس نحو الانتخابات البرلمانية التكميلية التي يجريها الحوثي في المناطق التي يسيطر عليها لملئ مقاعد شاغرة في مجلس النواب ، لا تدري هل تضحك أم تبكي.
ستضحك عندما ترى المرشحين الذين تقدموا لترشيح انفسهم ، وتضحك عندما ترى استهتار الناس المعبر على هذه الانتخابات .
وستبكي عندما ترى المصير الذي وصلت له التجربة الديمقراطية في البلد التي انتهت بمجرد قيام الانقلاب الحوثي ، وكيف لمن حارب الديمقراطية والحرية ان يرسخها ويمارسها ؟!
فتح باب الترشيح كان لمن هب ودب وغابت فيه الشخصيات الاجتماعية والمؤثرة ، وأغلب المرشحون لم تتوفر الشروط القانونية من حيث السن القانوني.
المشائخ والكوادر المؤثرة كلها رفضت طلب الحوثي للتقدم للترشح ، ليتقدم اشخاص ليس لهم تأثير حتى على مستوى نطاق قريتهم الصغيرة فما بالك بدائرة انتخابية .، عدة دوائر تقدم للترشح سائق دراجة نارية او محصل عرصات في سوق او فرزة او بائع قات.
في احدى الدوائر ضغطت جماعة الحوثي على شيخ صغير ليرشح نفسه وعندما تقدم لم يتقدم احد لينافسه حتى اضطر الشيخ لتقديم سائق سيارته لتصبح انتخابات بين الشيخ والسائق حقه.
أحد المرشحين جعل رمزه الانتخابي "الصرخة"
فتسائل الناس هل الصرخة صوت ام شيئ تشاهده الاعين حتى يصبح رمز انتخابي ؟!
وهل هناك حزب في اليمن معتمد قانونياً من قبل لدى لجنة الاحزاب ورمزه الصرخة ؟!
الانتخابات التكميلية للبرلمان التي يجريها الحوثي فاشلة وميتة ولا تعتبر انها انتخابات وذلك لسببين.
السبب الأول : انها انتخابات غابت فيها الاحزاب.
المرشحون يحملون صورة مستقلة ولا تمثيل حزبي مطلوب في الترشيح.
عادة الانتخابات البرلمانية في اي بلد جمهوري تجرى بين مكونات حزبية وليس بين عباس ودباس.
انتخابات الحوثي لم يحضر في اغلب دوائرها الترشح باسم المؤتمر فجميع الشخصيات رفضت وبعضها ترشح بصفة شخصية كمستقل وليس بإسم المؤتمر ، وأي انتخابات في اليمن يجب ان يتنافس فيها عدة احزاب ولا يغيب فيها كبار احزاب اليمن الموجودة في الساحة كالمؤتمر والاصلاح حتى يحضر التنافس ويوجد مسار التعددية السياسية التي لا يمكن ان تنجح اي انتخابات الا بوجودها ، مالم فإن الانتخابات مرفوضة قانونياً وفاشلة شعبياً لا تمثل المكونات ولا تمثل القواعد المنتمية للمكونات ولا يمكن ان نعتبرها انتخابات على الاطلاق.
السبب الثاني : المقاطعة الشعبية لهذه الانتخابات.
بما يقارب نسبة 98% من المقيدة اسماءهم في سجلات الناخبين بالدوائر الانتخابية التي تجري فيها الانتخابات لن يذهبوا للاقتراع.
الحوثي عاجز على ان يخرج الناس في يوم الانتخابات للاقتراع.
إذا كان الحوثي يستخدم كل قوته وامكانياته ليحشد ما يقارب ثلاثمائة شخص في مديرية بأكملها من اجل وقفة احتجاجية لتصورها قناة المسيرة ، فكيف سيستطيع ان يخرج عدد ما يقارب ثلاثون الف في دائرة انتخابية مقيدة اسماءهم بيوم الاقتراع.
300 شخص يحشدهم الحوثي في وقفات المديريات ، وكل مديرية تضم دائرة انتخابية او دائرتان ، وكل دائرة لا يقل عدد المسجلين بكشوفات الانتخابات عن عشرين الف ، وكل دائرة ايضاً لا تقل عدد مراكزها الانتخابية عن اثنى عشر مركز وكل مركز لا يقل عدد ناخبيه عن الفين شخص ، فكيف سيستطيع الحوثي ان يخرج العدد المطلوب في يوم الانتخابات.
من كان يستطيع ان يحشد ثلاثمائة شخص فقط في دائرة انتخابية مستخدماً كل امكانياته ، عاجز عن اجراء انتخابات في دائرة تضم ثلاثون الف مقترع.
العدد الذي يستطيع الحوثي جمعه عبر مديرية عاجز ان يوجد الحضور الجماهيري لانتخابات مركز انتخابي واحد فقط فما بالك بدائرة انتخابية بأكملها.
القواعد الشعبية مقاطعة للانتخابات التي يجريها الحوثي ولن تذهب للانتخابات ، والحوثي عاجز عن اخراج واحضار ما يصل لنسبة 1% من الناس في كل دائرة للقيام بعملية الاقتراع.
فهل اي انتخابات مارسها 1% في دائرة انتخابية وغاب فيها 99% تعتبر انتخابات ناجحة ومعتمدة تمثل ابناء تلك الدائرة .
الانتخابات التي يجريها الحوثي لا يوجد أي عامل نستطيع من خلاله ان نقول انها انتخابات او انها ستنجح وتكون مقبولة.
فغياب تعدد الاحزاب ذات القواعد الشعبية فيها والمقاطعة الجماهيرية لها جعلها انتخابات باطلة قانونياً وفاشلة شعبياً... انها هوشلية وهيدانية وليست عملية انتخابات ديمقراطية.