وبما أن عامين ليست كثيرة ، فما زالت تلك الأحداث المخيفة التي عرفتها مدينة عدن والمحافظات المحررة من رعب وتهديد، بسبب إنتشار عناصر القاعدة وداعش فيها، والتي استطاعت ضرب مقر حكومة خالد بحاح وجعلت تحركاته شبه مشلولة، لدرجة أن الكثير وصل إلى قناعة، وهو يشاهد تلك العناصر تمسك بكل مفاصل المدينة وتتحكم بكل صغيرة وكبيرة فيها ، والقاعدة والجماعات المتشددة باتت هي من تهيمن على المحافظات الجنوبية بعد هزيمة مليشيات الحوثي .
ففشل الحكومة السابقة كان له أثر كبير ومخيف لدى سكان العاصمة المؤقتة ،كما أن عجز حكومة بحاح كان له أثر بالغ لدى الرئيس هادي والتحالف العربي، وهم يشاهدون جهودهم تذهب لصالح الإرهاب ، ما دفع برئيس الجمهورية الى اقالة الحكومة السابقة وتعيين أحمد عبيد بن دغر لتولي مهام تشكيل حكومة جديدة وهو منصب يعد قاتل لكل شخص يطمح أن يكون له لمسات في تشكيل الدولة ليحتفظ بتاريخ حافل بالنجاح.
في الواقع راهن الكثير على فشل بن دغر لمعرفتهم بما هي عليه الحكومة التي لا جهاز أمني لديها، والذي من خلاله يمكن لأي حكومة أن تحقق الأمن والإستقرار، فغيابه جعل عناصر الارهاب هي وحدها من تتحكم بالمدن الجنوبية وتفرض سطوتها على السكان.
كل تلك المخاوف والرهانات لم تجد لها مكان لدى بن دغر الذي تمكن من تقليص نفوذ عناصر الإرهاب وبناء جهاز أمني فعال أستطاع أن ينهي تلك التكهنات لصالح مؤسسة الدولة، لتتحول عاصمة اليمن المؤقتة، إلى مدينة آمنة، إلا ما ندر، ليعيد للإنسان العدني والجنوبي ثقته بأجهزة الأمن وبقدرتها على حماية مصالحه من العابثين، ليتحول تدريجيا الى استعادة مؤسسات الدولة وتفعيل دورها في خدمة الشعب ليؤمن له المرتبات والصحة والأمن... وهو ما بات مشاهد وملموس لدى الكثير ممن عاشوا تلك الأيام المخيفة والمرعبة، لتتجه أنظار اليمنيين اليها من كل محافظات اليمن بما فيها المحافظات الواقعة تحت هيمنة المليشيات ، ليتسائل الكثير من الناس والمراهنين على فشل حكومة بن دغر، كيف استطاع تغير المعادلة الصعبة رغم أنه لا يمتلك مليشيات كمليشيات مجلس الزبيدي ولا كيان سياسي كبير مثل الاصلاح والحراك ،حتى المؤتمر الذي ينتمي اليه، ويتولى فيه منصب النائب الأول لرئيسه، منقسم ومشتت قواه، وتتجاذبه شخصيات عدة ، إنها معجزة يجب الوقوف أمامها والتفكير الطويل بابجدياتها لعلنا ندرك ما هي الحنكة السياسي التي أستطاع احمد عبيد بن دغر،بواسطتها أن يحول فشل الحكومة السابقة، الى نجاح بعد تسلمه حكومة بدون مقومات وبدون أجهزة أمنية وبدون حزب سياسي كبير، تسهل مهامه في الشارع اليمني، حتى يحقق كل هذا النجاح رغم المعوقات والعراقيل التي وضعت أمامه ؟!.