الجماعة التي يدعو القيادي فيها محمد الحوثي للانتخابات لا تمتلك أي مشروع سياسي واضح يجعلها شريك في أي عملية سياسية قادمة لأنها بالأساس لا تؤمن بالتعدد السياسي والثقافي والفكري ولا تؤمن بحق الاختلاف وحق الأخرين في ممارسة حقوقهم السياسية والتعبير عن معتقداتهم وافكارهم بكل حرية .
وليس لدى هذه الجماعة برنامج سياسي يحمل رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية، ولا يوجد لديها اي لوائح داخلية او نظام داخلي لعمل تنظيمي يحدد قواعد الإنتساب لهذه الجماعة التي ترفض أن تتحول الى حزب سياسي لأنها بالأساس لا تؤمن بالعمل السياسي ولا بالديمقراطية والتعديدة السياسية ولا بالتداول السلمي للسلطة ولا بالانتخابات كوسيلة لهذا التداول والوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة يمكنها أن تخوض غمارها، لأنها بالأصل ترى في كل ذلك تعارض واضح مع معتقداتها كصاحبة حق الهي في الحكم دون سواها من فئات الشعب ومكوناته المختلفة .
وتقدم نفسها على أنها جماعة جهادية وتمارس التعبئة الجهادية في صفوف مقاتليها على أسس مذهبية وطائفية متشددة لا تقبل بفكرة التعايش مع الأخرين وتدفع بمقاتليها الى جبهات المعارك لما تسميه الجهاد في سبيل استعادة هذا الحق المزعوم في الحكم وتمنحهم التصاريح بالدخول الى الجنة .
وبالتالى لا يشكل حديث محمد الحوثي أو غيره من القيادات الحوثية حول الانتخابات أي قيمة يمكن الوقوف عندها فقد طغت مشاهد القتل الذي تهديه المليشيات الحوثية لليمنيين الذين يتذوقون مرارة ومآسي حروب واوهام مليشيات عقائدية لا زالت تمارس الانقلاب حتى اللحظة وتحتفظ بسلاح الدولة وتشعل الحرائق والدمار عبر حروب تقول انها تواجه من خلالها العالم وامريكا واسرائيل ..
ويخطى من يراهن على أن جماعة الحوثي ستلقي بالسلاح جانبآ وستجلس على طاولة الحوار للتفاوض لإنهاء الانقلاب وتسليم مؤسسات الدولة والسلاح المنهوب من المعسكرات وحل مليشياتها والقبول بالتحول الى حزب سياسي يقبل بالديمقراطية ويمارس نشاطه السياسي السلمي الى جانب بقية الاحزاب ليخوض الانتخابات ويقبل بنتائج صناديق الإقتراع .
والحديث من هذا القبيل عن إنتخابات تدعو اليها جماعة خرجت للتو من مؤتمر الحوار الوطني الذي شاركت فيه الى جانب مختلف القوى السياسيه والذي كان من المقرر أن يقود اليمنيين في نهاية المطاف الى انتخابات برلمانية ورئاسة وفق دستور جديد يتم الأستفتاء عليه من قبل اليمنيون، لشكل الدولة اليمنية الإتحادية ، والمكونة من أقاليم تحظى بقدر كبير من الصلاحيات وادارة مواردها ،تتقاسم خلالها السلطة والثروة والقرار ،أقاليم تنقل اليمن الى عصر جديد يسوده العدل والمواطنة المتساوية ،في حوار أمضى اليمنيون فيه اشهر يخطون معالم المستقبل ،وكانت جماعة الحوثي جزء منه ، على الرغم أنها لم تكن حزب سياسي أو تيار فكري حداثي، ولكنها سرعان ما انقلبت على هذا الحوار ونتائجه لأنها غير معنية بالمستقبل حيث لا تزال تعيش أوهام الماضي الذي تحتكره في أسرة تريد أن تحكم بأدوات متخلفة، وبقرار وحيد يحتكره "السيد"، والجميع ملزم بالسمع والطاعة وتقديم البيعة له.
وراحت هذه الجماعة تعد العدة لأشعال نيران الفتنة وتدشين مرحلة كارثية من الصراع وتغذية ثقافة العنف والكراهية والاحقاد التي تختفي خلف شعارات أتضح لاحقآ انها تجهل معناها أو بالأصح تعد النقيض لمعتقداتها وأهدافها، وتحت مبرر إسقاط الجرعة ومكافحة الفساد، والأغرب من ذلك كله المطالبة بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتعزيز الشركة .!
وقد عودتنا تلك الجماعة الكهنوتية عن الحديث عن شيء وتنفيذ شيء اخر تمامآ، كما حصل حين دخلت العاصمة صنعاء تحت مزاعم التظاهر السلمي لأسقاط الجرعة، بعد أن كانت قد أبتلعت في طريقها عمران.
والجماعة التى ظل يردد زعيمها أنها لا تريد السلطة وليس لديها أي مطامع سوى إسقاط الحكومة "الفاسدة" ، وإسقاط الجرعة ، أسقطت البلد في دوامة العنف والاقتتال والحروب الكارثية والتهمت الدولة ومؤسساتها وكل امكانياتها وانقلبت على الشرعية واستولت على اموال البنك المركزي ودشنت مرحلة بائسة من الفوضى والدمار والانقلاب الكامل على السلطة في 21سبتمبر عام 2014، هذا اليوم المشؤم في ذاكرة اليمنين الذي تسارعت من بعده الاحداث باتجاه الفوضى والنكبات التي حلت في كل بيت في اسوأ كارثة انسانية حلت باليمن نتيجة انقلاب مليشيات مسلحة جأت من خارج الدولة لتعلن للعالم اجمع سيطرتها علي الدولة وانها باتت تحكم اليمنيين عمومآ بلا اي مرجعية قانونية او سياسية وعطلت العمل بالدستور والقوانين النافذة ضمن ما اطلقت عليه ثورة لم تعلن من خلالها حتى عن أي برنامج سياسي للحكم ولا عن اي مرجعية بديلة للطريقة التي ستحكم بها الشعب المصدوم مما يحدث والواقع تحت تأثير النكبة التي حلت به ولا يزال يعيش فصول مريرة من مأسيها.